السبت، 31 يناير 2015

أبوظبي الرياضية تنتظر الموافقة النهائية للبدء في نقل أبرز مباريات الدوري السعودي



تنتظر قنوات (ابوظبي الرياضية) الموافقة النهائية للبدء في نقل مباريات دوري عبداللطيف جميل السعودي وذلك بعد أن انهت اتفاقها المبدئي مع الوسيط (شركة صلة) وفقاً لمصادر (الجزيرة)، إذ تم الاتفاق على نقل مباراتين في كل جولة حتى نهاية الدور الثاني من الدوري، حيث تم اختيار ابوظبي











01-02-2015 04:00





أبوظبي الرياضية تنتظر الموافقة النهائية للبدء في نقل أبرز مباريات الدوري السعودي

أستراليا تتوّج ببطولة أمم آسيا لأول مرة



نجحت أستراليا المضيفة وفي ثالث مشاركة لها فقط منذ انضمامها إلى عائلة الاتحاد الآسيوي عام 2006 في تدوين اسمها في سجل الأبطال بفوزها على كوريا الجنوبية 2-1 بعد التمديد لأشواط إضافية على «ستاديوم أستراليا» في سيدني في نهائي النسخة السادسة عشرة من كأس آسيا.

وتدين أستراليا بتتويجها التاريخي











01-02-2015 04:00





أستراليا تتوّج ببطولة أمم آسيا لأول مرة

إسرائيل تجبر الفلسطينيين على دفع غرامات مالية مقابل ذهاب أطفالهم إلى المدارس



سمحت المحكمة المركزية للاحتلال الإسرائيلي للطالب الفلسطيني الخاضع للحبس المنزلي «محمد سيوري -16 عاماً» بالذهاب إلى المدرسة مقابل دفع 11 ألف شيكل «2800 دولار أمريكي».. وجاء في قرار الاحتلال أن تدفع عائلة الفتى المقدسي» سيوري» مبلغ 1000 شيكل نقداً،











01-02-2015 04:00





إسرائيل تجبر الفلسطينيين على دفع غرامات مالية مقابل ذهاب أطفالهم إلى المدارس

غرفة الرياض تعتمد صرف راتبين لموظفيها



أعلن رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض الدكتور عبدالرحمن الزامل موافقة مجلس إدارة الغرفة على صرف راتبين لموظفي غرفة الرياض، وذلك انسجاماً واستجابة مع توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بصرف راتبين لموظفي القطاع الحكومي وتأكيداً لوعي غرفة الرياض لمسؤولياتها











01-02-2015 04:00





غرفة الرياض تعتمد صرف راتبين لموظفيها

وزير التجارة التركماني يبحث التعاون الاقتصادي في الرياض



بحث وزير التجارة والعلاقات الاقتصادية الخارجية بجمهورية تركمانستان بايار أبايوف والوفد المرافق خلال زيارته غرفة الرياض سبل تقوية العلاقات التجارية وأوجه التعاون المشترك في المجالات الاقتصادية والاستثمارية بين رجال الاعمال في البلدين.

وأكد أمين عام غرفة الرياض











01-02-2015 04:00





وزير التجارة التركماني يبحث التعاون الاقتصادي في الرياض

دفع الرسوم مع فوائد القرض فيه مبالغة.. وينبغي تخفيضها إلى 1000 ريال



سجلت الرسوم الإدارية للتمويل الشخصي في حالات القروض الشخصية والتأجير والتمويل للسيارات في اللائحة التنظيمية الجديدة الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي نوفمبر الماضي ارتفاعًا بواقع الضعف وصولا إلى 5000 ريال أو 1 في المئة من مبلغ التمويل أيهما أقل، بعد أن كانت تقف











01-02-2015 04:00





دفع الرسوم مع فوائد القرض فيه مبالغة.. وينبغي تخفيضها إلى 1000 ريال

موقع: تنظيم (داعش) يعدم الرهينة الياباني



قال موقع سايت الإلكتروني الذي يتابع مواقع المتشددين إن تنظيم داعش بث تسجيلا مصورا أمس السبت يقول فيه إنه أعدم الرهينة الياباني كينجي جوتو.

ولم يتسن لرويترز التحقق على الفور من صحة التسجيل المصور الذي ظهر فيه رجل ملثم واقفا خلف جوتو ويضع سكينا على رقبته.

ثم ظهرت لقطة لجسد











01-02-2015 04:00





موقع: تنظيم (داعش) يعدم الرهينة الياباني

السيسي: مصر تحارب أقوى تنظيم سري إرهابي في العالم



أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مجددا أن مصر تجابه أقوى تنظيم سري في العالم، فهناك دول تقاد اليوم بقيادات من هذا التنظيم وأن هذه الدول لا تريد لمصر الاستقرار.. مشيرا إلى أن المصريين في 30 / 6 و3 / 7 أخذوا قرارا من أخطر القرارات في العصر الحديث.











01-02-2015 04:00





السيسي: مصر تحارب أقوى تنظيم سري إرهابي في العالم

شبهة قنوت النوازل



شبهة " قنوت النوازل واجب شرعي وهو أقل ما يُعان به إخواننا في ساحات الجهاد فلماذا يُمنع منه؟"

بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني


الجواب عن هذه الشبهة : أن بعض أهل العلم في هذا البلد المبارك اشترط إذن ولي الأمر لقنوت النوازل، كما هو المشهور في مذهب الإمام أحمد كما سيأتي من كلام الشيخ ابن عثيمين، وباعتبار أنه لم يثبت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء أنه قُنِتَ في غير المسجد الأعظم في البلد الذي يصلي فيه الأمير بالمسلمين، وقد جرى العمل في المملكة العربية السعودية على هذه الفتوى ، وهذا يعني أن الدولة السعودية اعتمدتها على بصيرة وعلم.

وإذا كانت المسألة خلافية والعمل على فتوى معينة لها أدلتها ونظرتها الشرعية القائمة على الدليل في الدولة الفلانية، فإن إلزام الوالي بفتوى تخالف فتوى علماء دولته إلزام ما لا يلزم ، لكوني الوالي يرى فيها الحق باعتبار أن علماء بلده علماء مجتهدون ثقات وأئمة معروفون بالسنة والعلم والورع.

ومن ثم فعلى الناقد أن يكون من أهل العلم، فإذا كان كذلك جاز له أن يناقش مناط هذه المسألة وأدلتها ثم ما رآه مخالفاً لما عليه علماء بلده أو أي قطر إسلامي ناظر عليه وحاور ذوي العلم والبصيرة بالحجة والحكمة دون تدخل مَن ليس من أهل العلم، فإذا ترجح خلاف الفتوى السابقة يقوم أهل الحل والعقد من العلماء برفعها للسلطان وللسلطان جوابه الذي يطرحه على العلماء إن رأى خلاف الفتوى الجديدة لمصلحة راجحة لا تنافي الشرع المطهر ، ومن هنا يكون المدخل صحيحاً بدلاً من النقد الأجوف العاري من البينات والأدلة الصحيحة الذي يتفوَّه به بعض الشبيبة بدعوى الضغوط والأوامر الرسمية على العلماء.

فإذا علمت ذلك، فقف معي على بعض فتاوى علماء هذه البلاد في قنوت النوازل لتعرف مخرج ما استندوا إليه من الأدلة بأوجز عبارة :

يقول الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله :" الذي أراه أن القنوت عند النوازل يتوقف على ولي الأمر كما هو المشهور في مذهب الإمام أحمد ...، وكذلك إذا أمر بالقنوت قنتنا، فالأولى في مثل هذا أن يُنتظر أمر الدولة بذلك، إذا أمر به ولي الأمر قنتنا وإلا فلا‍ وبقاء الأمة على مظهر واحد خير من التفرق، لأنه مثلاً: أقنت أنا والمسجد الذي جنبي لا يقنت، أو نحن أهل بلد نقنت والبلاد الأخرى ما تقنت، ففيه تفريق للأمة، وجمع الأشتات من أحسن ما يكون، ولعل بعضكم علم بأمر عثمان - رضي الله عنه في آخر خلافته صار يتم الصلاة في منى، يعني يصلي الرباعية أربعاً ، فأنكر الصحابة عليه ، حتى أبن مسعود لما بلغه ذلك استرجع ، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فجعل هذا من المصائب وكانوا يصلون خلفه أربعاً، فقيل لابن مسعود: يا أبا عبد الرحمن: كيف تصلي خلفه أربعاً وأنت قد أنكرت عليه، فقال: " إن الخلاف شر "([1]) فكون الأمة تكون على حال واحدة أفضل ، لأن طلبة العلم تتسع صدورهم للخلاف ، لكن العامة لا تتسع صدورهم للخلاف أبداً فالذي أنصح به إخواننا أن لا يتعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة ، مع أن باب الدعاء مفتوح، يدعو لهم الإنسان في حال السجود بعد التشهد الأخير، في قيام الليل، بين الأذان والإقامة، يعني لا يتعين الدعاء في القنوت فقط، صحيح أن القنوت مظهر عام ويجعل الأمة كلها تتهيأ للدعاء، وتتفرغ له، لكن كوننا نخلي واحداً بهواه ونفرق الناس، هذا ما أرى أنه جيد([2])اهـ

وسئل معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ فقيل له " هناك قرارات صدرت من الوزارة مثلاً عدم القنوت في الصلوات، مع أنها ثابتة عند المصائب والمحن ما تعليقكم على ذلك؟

الجواب : كلامي في القنوت يمكن سمعتموه مراراً ونشر في الصحف وفيه قناعة شرعية ظاهرة أدلتها، لكن المخالف لم يأت بدليل ظاهر فيها من السنة، النبي صلى الله عليه وسلم حينما قنت، قنت فقط ومساجد المدنية الأخرى لم تقنت هذا أولاً.

وثانياً: الذي يقنت هو الإمام ونائبه ... والأدلة في ذلك ظاهرة، لا يصح إلا بإذن ولي الأمر ، وهناك ثلاث مسائل في العبادات معروفة عند أهل العلم ليست مسألة القنوت فحسب بل قنوت النوازل

المسألة الأولى: إنه لا استسقاء " طلب الغيث " إلا بدعوة الإمام الذي يدعو إلى الاستسقاء وهو الإمام أو نائبه، هذا ظاهر في أن الصحابة لم يستسقوا في عهده عليه الصلاة والسلام ولا من بعده إلا بطلب ولي الأمر، مع أن المسألة هي طلب سقيا، هذه يشترك فيها العامة لكن الأمر إذا كان فيه عموم ليس مقتصراً على بعض الأفراد فهذا مناط بولي الأمر، هذا ظاهر الأدلة وأحوال السلف والأئمة.

المسألة الثانية: مسألة الجمعة، إذا أجمع الناس فهل لهم أن يجمعوا في مسجد بدون إذن؟ ليس لهم ذلك.

المسألة الثالثة: القنوت ، قنوت النوازل أيضاً ليس لهم أن يقنتوا إلا بإذن ولي الأمر في ذلك، وهذا ظاهر من حيث الدليل، بل إن الدليل وأنتم راجعوا السنة وانظروا، لا تجدون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء أنه قنت غير المسجد الأعظم في البلد، نحن لا نريد أن نجعل المسائل التربوية -أو نقول مسائل الأمة أو نحو ذلك- نجعلها هي التي تُسيِّر عباداتنا، هذه مسائل لها علاج ، لها حمية ، ولها في مكان آخر، لكن العبادات هذه منوطة بأحكام شرعية عبادية لا يجوز أن يُحدث فيها شيء، انظر مثلاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ما قنت إلا هو، وفي عهد عمر رضي الله عنه قنت هو، وفي عهد هذا أو هذا قنت بإذنه هذا لما كانوا في البلد في الحاضرة، أما إذا كانوا في سفر أو كانوا في جهاد أو نحو ذلك فهذه المسألة ترجع لا إلى الأمير الأعظم [ بل ] إلى أمير السفر أو نحو ذلك لكنه في البلد الحاضرة ما فيه شك أن هذه مسألة ظاهرة من حيث الدليل([3])اهـ

ويتبين مما ... أن هذه المسألة بهذا الحكم المقيد بإذن ولي الأمر لها وجهة نظر من حيث الدليل والمصالح المترتبة.

فإذا قامت الفتوى على مثل ذلك ونحوه واعتمدها ولي الأمر أو من خوَّله لزم العمل والانقياد وعدم الخروج على جماعة المسلمين في الدولة الفلانية دفعاً للمفاسد وجلباً للمصالح بغض النظر عن كون الفتوى الفلانية قامت على دليل مرجوح عند الطرف المخالف، لكون ولي الأمر اعتمد هذا الرأي لمصالح تخفى على عامة الأمة وإن جهلها من جهلها.

ولو فرضنا أنه لا دليل على القول بهذا الشرط فتبقى المصالح المترتبة من اعتبار الشرط لجمع الكلمة على طاعة السلطان ، لأنه إذا أمر بعدم القنوت في نازلة معينة لمصلحة راجحة فإنه يلزم طاعته، لكون الطاعة في ذلك من المعروف لما يترتب من المصالح المستفيضة بأهل بلدته.

قال شيخ الإسلام " ويسوغ أيضاً أن يترك الإنسان الأفضل لتأليف القلوب واجتماع الكلمة خوفاً من التنفير عما يصلح كما ترك النبي عليه الصلاة والسلام بناء البيت على قواعد إبراهيم لكون قريش كانوا حديثى عهد بالجاهلية وخشي تنفيرهم بذلك ، ورأى أن مصلحة الاجتماع والائتلاف مقدمة على مصلحة البناء على قواعد إبراهيم

وقال ابن مسعود لما أكمل الصلاة خلف عثمان وأنكر عليه فقيل له في ذلك فقال :" الخلاف شر"([4])اهـ.

قلت : وترك النبي عليه الصلاة والسلام بناء البيت على قواعد إبراهيم أعظم من ترك قنوت النازلة ، لأن الكعبة لما جرفها السيل بناها بعض كفار قريش قبل الإسلام على خلاف قواعد إبراهيم فرأى النبي عليه الصلاة والسلام عدم هدمها وإعادة بناءها على قواعد إبراهيم خوفاً من التنفير وشتات القلوب مع أنه هو الذي يقول عليه الصلاة والسلام " ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع "([5]).

قال سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله : "فالواجب على الرعية وعلى أعيان الرعية التعاون مع ولي الأمر في الإصلاح وإماتة الشر والقضاء عليه ، وإقامة الخير بالكلام الطيب والأسلوب الحسن والتوجيهات السديدة التي يرجى من ورائها الخير دون الشر ، وكل عمل يترتب عليه شر أكثر من المصلحة لا يجوز؛ لأن المقصود من الولايات كلها : تحقيق المصالح الشرعية ، ودرء المفاسد ، فأي عمل يعمله الإنسان يريد به الخير ويترتب عليه ما هو أشر مما أراد إزالته وما هو منكر لا يجوز له"([6]).


ثم لو عدنا اليوم إلى تطبيق فتوى قنوت النوازل لحملها الكثير على الاستمرار بحجة أن الأمة في نوازل متتالية وخصوصاً في الآونة الأخيرة ، ولو تأمل العاقل في تاريخ العهد النبوي والعهد الراشد والخلافة الأموية والعباسية وما بعدها إلى يومنا هذا لوجد أن النوازل تتابع من ذلك الوقت حتى يومنا هذا على بلاد المسلمين ، ولا يعرف عن علماء الإسلام في تلك الأزمنة من أفتاهم باستمرار القنوت لأشهر كثيرة أو سنوات عديدة ، وفرقٌ بين زماننا وزمانهم من حيث العلم وفهم الأحداث وإنزال الأدلة في مواضعها الصحيحة ، لذا نجد أن بعض العصريين يكررون قولهم النوازل قائمة وليس هناك من يقنت ؟ مع علمهم بالفتوى السائدة والمعمول بها في هذه البلاد فلماذا مثل ذلك؟! مع أن الاستمرار في قنوت النوازل على الدوام خلاف السنة لحديث أنس قال : " قنت النبي صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو على رعل وذكوان "([7]).


وعنه رضي الله عنه قال :" قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً حين قتل القُرَّاء فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حزن حزناً قط أشد منه"([8]).

وهي أطول مدة قنتها رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلماذا اقتصر نبينا عليه الصلاة والسلام على شهر واحد رغم أنه لا دلالة في أنهم آمنوا بالله ودخلوا جميعاً في دين الإسلام، فكيف يمكن القول باستمرارية القنوت اليوم باعتبار أن النوازل مستمرة؟!.

لا شك أن السنة بسبب فهم خطأ أو قلة علم، قد يحولها البعض إلى بدعة أو فتنة، لذلك لزم مراجعة واستشارة كبار العلماء قبل إثارة مثل هذه المسائل.

والحاصل في هذا الباب : أنه يجب على الدعاة إلى الله وعامة المسلمين عدم إثارة ما يكون سبباً للفتن لفتوى لا تتوافق مع ما يراه البعض، ولا ينبغي أن يقال : إن هذه الفتوى ونحوها صدرت عن هوى أو ضغوط أو الزامات ونحوها مما يتفوّه به بعض المتسرعين.

والله أعلى وأعلم، وأعز وأكرم، وصلى الله على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.

حرر بتاريخ 25/12/1427هـ. الرياض.

[1] أخرجه أبو داود في سننه رقم (1960) من رواية عبد الرحمن بن يزيد بإسناد صحيح.

[2] محمد بن فهد الحصين، الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية (ص135).

[3] المصدر السابق، الموضع نفسه.

[4] مجموع الفتاوى لابن تيمية (22/437).

[5] أخرجه مسلم في صحيحه رقم (1218) من حديث جابر.

[6] فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز ، (8 /203) ، مقال بعنوان " نصيحة الأمة في جواب عشرة أسئلة مهمة ".

[7] متفق عليه.

[8] متفق عليه.













المصدر

http://ift.tt/15WaY0y






شبهة قنوت النوازل

شبهة قنوت النوازل



شبهة " قنوت النوازل واجب شرعي وهو أقل ما يُعان به إخواننا في ساحات الجهاد فلماذا يُمنع منه؟"

بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني


الجواب عن هذه الشبهة : أن بعض أهل العلم في هذا البلد المبارك اشترط إذن ولي الأمر لقنوت النوازل، كما هو المشهور في مذهب الإمام أحمد كما سيأتي من كلام الشيخ ابن عثيمين، وباعتبار أنه لم يثبت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء أنه قُنِتَ في غير المسجد الأعظم في البلد الذي يصلي فيه الأمير بالمسلمين، وقد جرى العمل في المملكة العربية السعودية على هذه الفتوى ، وهذا يعني أن الدولة السعودية اعتمدتها على بصيرة وعلم.

وإذا كانت المسألة خلافية والعمل على فتوى معينة لها أدلتها ونظرتها الشرعية القائمة على الدليل في الدولة الفلانية، فإن إلزام الوالي بفتوى تخالف فتوى علماء دولته إلزام ما لا يلزم ، لكوني الوالي يرى فيها الحق باعتبار أن علماء بلده علماء مجتهدون ثقات وأئمة معروفون بالسنة والعلم والورع.

ومن ثم فعلى الناقد أن يكون من أهل العلم، فإذا كان كذلك جاز له أن يناقش مناط هذه المسألة وأدلتها ثم ما رآه مخالفاً لما عليه علماء بلده أو أي قطر إسلامي ناظر عليه وحاور ذوي العلم والبصيرة بالحجة والحكمة دون تدخل مَن ليس من أهل العلم، فإذا ترجح خلاف الفتوى السابقة يقوم أهل الحل والعقد من العلماء برفعها للسلطان وللسلطان جوابه الذي يطرحه على العلماء إن رأى خلاف الفتوى الجديدة لمصلحة راجحة لا تنافي الشرع المطهر ، ومن هنا يكون المدخل صحيحاً بدلاً من النقد الأجوف العاري من البينات والأدلة الصحيحة الذي يتفوَّه به بعض الشبيبة بدعوى الضغوط والأوامر الرسمية على العلماء.

فإذا علمت ذلك، فقف معي على بعض فتاوى علماء هذه البلاد في قنوت النوازل لتعرف مخرج ما استندوا إليه من الأدلة بأوجز عبارة :

يقول الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله :" الذي أراه أن القنوت عند النوازل يتوقف على ولي الأمر كما هو المشهور في مذهب الإمام أحمد ...، وكذلك إذا أمر بالقنوت قنتنا، فالأولى في مثل هذا أن يُنتظر أمر الدولة بذلك، إذا أمر به ولي الأمر قنتنا وإلا فلا‍ وبقاء الأمة على مظهر واحد خير من التفرق، لأنه مثلاً: أقنت أنا والمسجد الذي جنبي لا يقنت، أو نحن أهل بلد نقنت والبلاد الأخرى ما تقنت، ففيه تفريق للأمة، وجمع الأشتات من أحسن ما يكون، ولعل بعضكم علم بأمر عثمان - رضي الله عنه في آخر خلافته صار يتم الصلاة في منى، يعني يصلي الرباعية أربعاً ، فأنكر الصحابة عليه ، حتى أبن مسعود لما بلغه ذلك استرجع ، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فجعل هذا من المصائب وكانوا يصلون خلفه أربعاً، فقيل لابن مسعود: يا أبا عبد الرحمن: كيف تصلي خلفه أربعاً وأنت قد أنكرت عليه، فقال: " إن الخلاف شر "([1]) فكون الأمة تكون على حال واحدة أفضل ، لأن طلبة العلم تتسع صدورهم للخلاف ، لكن العامة لا تتسع صدورهم للخلاف أبداً فالذي أنصح به إخواننا أن لا يتعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة ، مع أن باب الدعاء مفتوح، يدعو لهم الإنسان في حال السجود بعد التشهد الأخير، في قيام الليل، بين الأذان والإقامة، يعني لا يتعين الدعاء في القنوت فقط، صحيح أن القنوت مظهر عام ويجعل الأمة كلها تتهيأ للدعاء، وتتفرغ له، لكن كوننا نخلي واحداً بهواه ونفرق الناس، هذا ما أرى أنه جيد([2])اهـ

وسئل معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ فقيل له " هناك قرارات صدرت من الوزارة مثلاً عدم القنوت في الصلوات، مع أنها ثابتة عند المصائب والمحن ما تعليقكم على ذلك؟

الجواب : كلامي في القنوت يمكن سمعتموه مراراً ونشر في الصحف وفيه قناعة شرعية ظاهرة أدلتها، لكن المخالف لم يأت بدليل ظاهر فيها من السنة، النبي صلى الله عليه وسلم حينما قنت، قنت فقط ومساجد المدنية الأخرى لم تقنت هذا أولاً.

وثانياً: الذي يقنت هو الإمام ونائبه ... والأدلة في ذلك ظاهرة، لا يصح إلا بإذن ولي الأمر ، وهناك ثلاث مسائل في العبادات معروفة عند أهل العلم ليست مسألة القنوت فحسب بل قنوت النوازل

المسألة الأولى: إنه لا استسقاء " طلب الغيث " إلا بدعوة الإمام الذي يدعو إلى الاستسقاء وهو الإمام أو نائبه، هذا ظاهر في أن الصحابة لم يستسقوا في عهده عليه الصلاة والسلام ولا من بعده إلا بطلب ولي الأمر، مع أن المسألة هي طلب سقيا، هذه يشترك فيها العامة لكن الأمر إذا كان فيه عموم ليس مقتصراً على بعض الأفراد فهذا مناط بولي الأمر، هذا ظاهر الأدلة وأحوال السلف والأئمة.

المسألة الثانية: مسألة الجمعة، إذا أجمع الناس فهل لهم أن يجمعوا في مسجد بدون إذن؟ ليس لهم ذلك.

المسألة الثالثة: القنوت ، قنوت النوازل أيضاً ليس لهم أن يقنتوا إلا بإذن ولي الأمر في ذلك، وهذا ظاهر من حيث الدليل، بل إن الدليل وأنتم راجعوا السنة وانظروا، لا تجدون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء أنه قنت غير المسجد الأعظم في البلد، نحن لا نريد أن نجعل المسائل التربوية -أو نقول مسائل الأمة أو نحو ذلك- نجعلها هي التي تُسيِّر عباداتنا، هذه مسائل لها علاج ، لها حمية ، ولها في مكان آخر، لكن العبادات هذه منوطة بأحكام شرعية عبادية لا يجوز أن يُحدث فيها شيء، انظر مثلاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ما قنت إلا هو، وفي عهد عمر رضي الله عنه قنت هو، وفي عهد هذا أو هذا قنت بإذنه هذا لما كانوا في البلد في الحاضرة، أما إذا كانوا في سفر أو كانوا في جهاد أو نحو ذلك فهذه المسألة ترجع لا إلى الأمير الأعظم [ بل ] إلى أمير السفر أو نحو ذلك لكنه في البلد الحاضرة ما فيه شك أن هذه مسألة ظاهرة من حيث الدليل([3])اهـ

ويتبين مما ... أن هذه المسألة بهذا الحكم المقيد بإذن ولي الأمر لها وجهة نظر من حيث الدليل والمصالح المترتبة.

فإذا قامت الفتوى على مثل ذلك ونحوه واعتمدها ولي الأمر أو من خوَّله لزم العمل والانقياد وعدم الخروج على جماعة المسلمين في الدولة الفلانية دفعاً للمفاسد وجلباً للمصالح بغض النظر عن كون الفتوى الفلانية قامت على دليل مرجوح عند الطرف المخالف، لكون ولي الأمر اعتمد هذا الرأي لمصالح تخفى على عامة الأمة وإن جهلها من جهلها.

ولو فرضنا أنه لا دليل على القول بهذا الشرط فتبقى المصالح المترتبة من اعتبار الشرط لجمع الكلمة على طاعة السلطان ، لأنه إذا أمر بعدم القنوت في نازلة معينة لمصلحة راجحة فإنه يلزم طاعته، لكون الطاعة في ذلك من المعروف لما يترتب من المصالح المستفيضة بأهل بلدته.

قال شيخ الإسلام " ويسوغ أيضاً أن يترك الإنسان الأفضل لتأليف القلوب واجتماع الكلمة خوفاً من التنفير عما يصلح كما ترك النبي عليه الصلاة والسلام بناء البيت على قواعد إبراهيم لكون قريش كانوا حديثى عهد بالجاهلية وخشي تنفيرهم بذلك ، ورأى أن مصلحة الاجتماع والائتلاف مقدمة على مصلحة البناء على قواعد إبراهيم

وقال ابن مسعود لما أكمل الصلاة خلف عثمان وأنكر عليه فقيل له في ذلك فقال :" الخلاف شر"([4])اهـ.

قلت : وترك النبي عليه الصلاة والسلام بناء البيت على قواعد إبراهيم أعظم من ترك قنوت النازلة ، لأن الكعبة لما جرفها السيل بناها بعض كفار قريش قبل الإسلام على خلاف قواعد إبراهيم فرأى النبي عليه الصلاة والسلام عدم هدمها وإعادة بناءها على قواعد إبراهيم خوفاً من التنفير وشتات القلوب مع أنه هو الذي يقول عليه الصلاة والسلام " ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع "([5]).

قال سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله : "فالواجب على الرعية وعلى أعيان الرعية التعاون مع ولي الأمر في الإصلاح وإماتة الشر والقضاء عليه ، وإقامة الخير بالكلام الطيب والأسلوب الحسن والتوجيهات السديدة التي يرجى من ورائها الخير دون الشر ، وكل عمل يترتب عليه شر أكثر من المصلحة لا يجوز؛ لأن المقصود من الولايات كلها : تحقيق المصالح الشرعية ، ودرء المفاسد ، فأي عمل يعمله الإنسان يريد به الخير ويترتب عليه ما هو أشر مما أراد إزالته وما هو منكر لا يجوز له"([6]).


ثم لو عدنا اليوم إلى تطبيق فتوى قنوت النوازل لحملها الكثير على الاستمرار بحجة أن الأمة في نوازل متتالية وخصوصاً في الآونة الأخيرة ، ولو تأمل العاقل في تاريخ العهد النبوي والعهد الراشد والخلافة الأموية والعباسية وما بعدها إلى يومنا هذا لوجد أن النوازل تتابع من ذلك الوقت حتى يومنا هذا على بلاد المسلمين ، ولا يعرف عن علماء الإسلام في تلك الأزمنة من أفتاهم باستمرار القنوت لأشهر كثيرة أو سنوات عديدة ، وفرقٌ بين زماننا وزمانهم من حيث العلم وفهم الأحداث وإنزال الأدلة في مواضعها الصحيحة ، لذا نجد أن بعض العصريين يكررون قولهم النوازل قائمة وليس هناك من يقنت ؟ مع علمهم بالفتوى السائدة والمعمول بها في هذه البلاد فلماذا مثل ذلك؟! مع أن الاستمرار في قنوت النوازل على الدوام خلاف السنة لحديث أنس قال : " قنت النبي صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو على رعل وذكوان "([7]).


وعنه رضي الله عنه قال :" قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً حين قتل القُرَّاء فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حزن حزناً قط أشد منه"([8]).

وهي أطول مدة قنتها رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلماذا اقتصر نبينا عليه الصلاة والسلام على شهر واحد رغم أنه لا دلالة في أنهم آمنوا بالله ودخلوا جميعاً في دين الإسلام، فكيف يمكن القول باستمرارية القنوت اليوم باعتبار أن النوازل مستمرة؟!.

لا شك أن السنة بسبب فهم خطأ أو قلة علم، قد يحولها البعض إلى بدعة أو فتنة، لذلك لزم مراجعة واستشارة كبار العلماء قبل إثارة مثل هذه المسائل.

والحاصل في هذا الباب : أنه يجب على الدعاة إلى الله وعامة المسلمين عدم إثارة ما يكون سبباً للفتن لفتوى لا تتوافق مع ما يراه البعض، ولا ينبغي أن يقال : إن هذه الفتوى ونحوها صدرت عن هوى أو ضغوط أو الزامات ونحوها مما يتفوّه به بعض المتسرعين.

والله أعلى وأعلم، وأعز وأكرم، وصلى الله على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.

حرر بتاريخ 25/12/1427هـ. الرياض.

[1] أخرجه أبو داود في سننه رقم (1960) من رواية عبد الرحمن بن يزيد بإسناد صحيح.

[2] محمد بن فهد الحصين، الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية (ص135).

[3] المصدر السابق، الموضع نفسه.

[4] مجموع الفتاوى لابن تيمية (22/437).

[5] أخرجه مسلم في صحيحه رقم (1218) من حديث جابر.

[6] فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز ، (8 /203) ، مقال بعنوان " نصيحة الأمة في جواب عشرة أسئلة مهمة ".

[7] متفق عليه.

[8] متفق عليه.













المصدر

http://ift.tt/15WaY0y






شبهة قنوت النوازل

شبهة : ترك الجهاد عين النفاق



شبهة : ترك الجهاد عين النفاق ، وقد جاء في الحديث " من مات ولم يغزُ ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق "([1])

بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني


الجواب عن هذه الشبهة :

أن الحديث يدل على أنه لا يستلزم من ترك الجهاد النفاق إذا كان الشخص يحدث نفسه بالغزو ثم مات قبل أن يجاهد ، بل أجره كأجر من جاهد طالما منعه من الجهاد مانع كانتفاء شرط من شروط الجهاد المتقدم ذكرها.

قال النووي عند شرح هذا الحديث : " قال عبد الله بن المبارك: فنرى أن ذلك كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وهذا الذى قاله ابن المبارك محتمل ، وقد قال غيره إنه عام ، والمراد أن من فعل هذا فقد أشبه المنافقين المتخلفين عن الجهاد في هذا الوصف، فإنَّ تَرْكَ الجهاد أحدُ شعب النفاق ، وفى هذا الحديث أن من نوى فعل عبادة فمات قبل فعلها لا يتوجه عليه من الذم ما يتوجه على من مات ولم ينوها([2])اهـ

وقال ابن الأمير : " ولا يخفى أن المراد من الحديث هنا أن من لم يغز بالفعل ولم يحدّث نفسه بالغزو مات على خصلة من خصال النفاق. فقوله : " ولم يحدث نفسه " لا يدل على العزم الذي معناه عقد النية على الفعل، بل معناه هنا لم يخطر بباله أن يغزو ولا حدّث به نفسه ولو ساعة من عمره ولو حدّثها به أو خطر الخروج للغزو بباله حيناً من الأحيان خرج من الاتصاف بخصلة من خصال النفاق، وهو نظير قوله صلى الله تعالى عليه وعلى وآله وسلم : " ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه "([3]) أي لم يخطر بباله شيء من الأمور وحديث النفس غير العزم وعقد النية ، ودل على أن من حدث نفسه بفعل طاعة ثم مات قبل فعلها أنه لا يتوجه عليه عقوبة من لم يحدث نفسه بها أصلاً([4])اهـ

وهناك تفسير آخر للحديث ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حيث قال :

" وحينئذ؛ فقد يجتمع في الإنسان إيمان ونفاق وبعض شعب الإيمان وشعبة من شعب الكفر كما في الصحيحين عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: " أربع من كُنَّ فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب ، وإذا ائتمن خان ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر"([5]) ، وفى الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق "([6])اهـ


وقال رحمه الله : وفى الحديث دلالة على أنه يكون فيه بعض شعب النفاق مع ما معه من الإيمان ومنه قوله تعالى " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ "([7])اهـ.



وحاصل أقوال أهل العلم في هذا الحديث تترد على ثلاثة معانٍ :


الأول : أن من لم تحدثه نفسه بالجهاد ففيه خصلة من نفاق.

والمعنى الثاني : أن خصلة النفاق ترتفع عن تارك الجهاد بمجرد أن يخطر في باله أن يجاهد وإن لم يفعل أو يعزم ، وهذا قول الصنعاني كما تقدم.

الثالث : أن ذلك كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تعلق له بأي عصر آخر ، وهذا مروي عن ابن المبارك، والأول المختار.

فلا يقال حينئذٍ إن ترك الجهاد عين النفاق بل أكثر ما يقال في هذا الباب أن من ترك الجهاد ففيه خصلة من النفاق وخصوصاً إذا توفرت شروطه وانتفت موانعه فحينها يُنكر على القاعد وفي مثله نزل قوله تعالى: " فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ "([8]).

قال الشافعي رحمه الله : فأظهر الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم أسرارهم وخبر السماعين لهم وأتباعهم أن يفتنوا من معه بالكذب والإرجاف والتخذيل لهم فأخبر أنه كره انبعاثهم إذا كانوا على هذه النية، فكان فيها ما دل على أن الله جل ثناؤه أمر أن يمنع من عُرف بما عرفوا به من أن يغزوا مع المسلمين، لأنه لا ضرر عليهم، ثم زاد في تأكيد بيان ذلك بقوله: " فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ "([9]).

وهؤلاء في الأصل هم المنافقون كفر الإعتقاد المخرج من الملة أمثال عبد الله بن أُبي ، أما من حدث نفسه بالجهاد ومنعه مانع مما تقدم فلا يجوز أن يقال إنه منافق أو فيه خصلة نفاق أو أنه وقع في عين النفاق لما تقدم بيانه.

والله أعلى وأعلم، وأعز وأكرم، وصلى الله على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.

حرر بتاريخ 24/1/1428هـ . الرياض.

[1] أخرجه مسلم في صحيحه رقم (1910) من حديث أبي هريرة.

[2] شرح صحيح مسلم للنووي(13/56).

[3] متفق عليه من حديث عثمان.

[4] سبل السلام للصنعاني (1/199).

[5] متفق عليه من حديث عبدالله بن عمرو.

[6] مجموع الفتاوى (7/520)، والحديث أخرجه مسلم في صحيحه.

[7] مجموع الفتاوى لابن تيمية (7/556)، الآية رقم (15)، من سورة الحجرات.

[8] سورة التوبة ، الآية رقم (81).

[9] السنن والآثار البيهقي (9/36) ، والآية رقم (81) من سورة التوبة.















شبهة : ترك الجهاد عين النفاق

شبهة : ترك الجهاد عين النفاق



شبهة : ترك الجهاد عين النفاق ، وقد جاء في الحديث " من مات ولم يغزُ ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق "([1])

بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني


الجواب عن هذه الشبهة :

أن الحديث يدل على أنه لا يستلزم من ترك الجهاد النفاق إذا كان الشخص يحدث نفسه بالغزو ثم مات قبل أن يجاهد ، بل أجره كأجر من جاهد طالما منعه من الجهاد مانع كانتفاء شرط من شروط الجهاد المتقدم ذكرها.

قال النووي عند شرح هذا الحديث : " قال عبد الله بن المبارك: فنرى أن ذلك كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وهذا الذى قاله ابن المبارك محتمل ، وقد قال غيره إنه عام ، والمراد أن من فعل هذا فقد أشبه المنافقين المتخلفين عن الجهاد في هذا الوصف، فإنَّ تَرْكَ الجهاد أحدُ شعب النفاق ، وفى هذا الحديث أن من نوى فعل عبادة فمات قبل فعلها لا يتوجه عليه من الذم ما يتوجه على من مات ولم ينوها([2])اهـ

وقال ابن الأمير : " ولا يخفى أن المراد من الحديث هنا أن من لم يغز بالفعل ولم يحدّث نفسه بالغزو مات على خصلة من خصال النفاق. فقوله : " ولم يحدث نفسه " لا يدل على العزم الذي معناه عقد النية على الفعل، بل معناه هنا لم يخطر بباله أن يغزو ولا حدّث به نفسه ولو ساعة من عمره ولو حدّثها به أو خطر الخروج للغزو بباله حيناً من الأحيان خرج من الاتصاف بخصلة من خصال النفاق، وهو نظير قوله صلى الله تعالى عليه وعلى وآله وسلم : " ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه "([3]) أي لم يخطر بباله شيء من الأمور وحديث النفس غير العزم وعقد النية ، ودل على أن من حدث نفسه بفعل طاعة ثم مات قبل فعلها أنه لا يتوجه عليه عقوبة من لم يحدث نفسه بها أصلاً([4])اهـ

وهناك تفسير آخر للحديث ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حيث قال :

" وحينئذ؛ فقد يجتمع في الإنسان إيمان ونفاق وبعض شعب الإيمان وشعبة من شعب الكفر كما في الصحيحين عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: " أربع من كُنَّ فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب ، وإذا ائتمن خان ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر"([5]) ، وفى الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق "([6])اهـ


وقال رحمه الله : وفى الحديث دلالة على أنه يكون فيه بعض شعب النفاق مع ما معه من الإيمان ومنه قوله تعالى " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ "([7])اهـ.



وحاصل أقوال أهل العلم في هذا الحديث تترد على ثلاثة معانٍ :


الأول : أن من لم تحدثه نفسه بالجهاد ففيه خصلة من نفاق.

والمعنى الثاني : أن خصلة النفاق ترتفع عن تارك الجهاد بمجرد أن يخطر في باله أن يجاهد وإن لم يفعل أو يعزم ، وهذا قول الصنعاني كما تقدم.

الثالث : أن ذلك كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تعلق له بأي عصر آخر ، وهذا مروي عن ابن المبارك، والأول المختار.

فلا يقال حينئذٍ إن ترك الجهاد عين النفاق بل أكثر ما يقال في هذا الباب أن من ترك الجهاد ففيه خصلة من النفاق وخصوصاً إذا توفرت شروطه وانتفت موانعه فحينها يُنكر على القاعد وفي مثله نزل قوله تعالى: " فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ "([8]).

قال الشافعي رحمه الله : فأظهر الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم أسرارهم وخبر السماعين لهم وأتباعهم أن يفتنوا من معه بالكذب والإرجاف والتخذيل لهم فأخبر أنه كره انبعاثهم إذا كانوا على هذه النية، فكان فيها ما دل على أن الله جل ثناؤه أمر أن يمنع من عُرف بما عرفوا به من أن يغزوا مع المسلمين، لأنه لا ضرر عليهم، ثم زاد في تأكيد بيان ذلك بقوله: " فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ "([9]).

وهؤلاء في الأصل هم المنافقون كفر الإعتقاد المخرج من الملة أمثال عبد الله بن أُبي ، أما من حدث نفسه بالجهاد ومنعه مانع مما تقدم فلا يجوز أن يقال إنه منافق أو فيه خصلة نفاق أو أنه وقع في عين النفاق لما تقدم بيانه.

والله أعلى وأعلم، وأعز وأكرم، وصلى الله على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.

حرر بتاريخ 24/1/1428هـ . الرياض.

[1] أخرجه مسلم في صحيحه رقم (1910) من حديث أبي هريرة.

[2] شرح صحيح مسلم للنووي(13/56).

[3] متفق عليه من حديث عثمان.

[4] سبل السلام للصنعاني (1/199).

[5] متفق عليه من حديث عبدالله بن عمرو.

[6] مجموع الفتاوى (7/520)، والحديث أخرجه مسلم في صحيحه.

[7] مجموع الفتاوى لابن تيمية (7/556)، الآية رقم (15)، من سورة الحجرات.

[8] سورة التوبة ، الآية رقم (81).

[9] السنن والآثار البيهقي (9/36) ، والآية رقم (81) من سورة التوبة.















شبهة : ترك الجهاد عين النفاق

أجمل و أرقى كوليكشن لفساتين سواريه المحجبات لعام 2015

الحلول والتوصيات لولاة الأمر فيما يتعلق بالمتأثرين بالفكر الخارجي



الحلول والتوصيات لولاة الأمر فيما يتعلق بالمتأثرين بالفكر الخارجي

بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني


تكلمت في مقالات سابقة عن شبهات المتأثرين بالفكر الخارجي، وأجبت عن شبهاتهم بما رأيت أنه كافٍ لدحضها، معتمداً على نصوص الكتاب والسنة وواقع السلف، ويطيب لي في هذا المقال أن أضع بعض الحلول التي يمكن أن تعالج هذا الفكر أو تخفف من انتشاره، من خلال هذه المقترحات التي أوجهها لولاة الأمر :

أولاً : يجب تكوين لجنة علمية من العلماء والدعاة المصلحين المشفقين على هذه الأمة لفتح باب الحوار مع أصحاب هذا الفكر، بحيث يُعرف أعضاء اللجنة بالعلم الصحيح والمعتقد السليم والمنهج القويم، كما يعرفون بالرحمة والشفقة، وحب الهداية للمخالفين، واللين في تعاملهم مع المخالف، وقد سعت الحكومة السعودية بعمل حملة من الدعاة تتولى هذه المسؤولية ميدانياً وعبر شبكات الإنترنت، وإنه لينبغي لبقية الحكومات الإسلامية أن تخطو نحو هذه الخطوات المباركة بدلاً من استعمال أساليب العنف التي تولد الانفجار وانتشار دعوتهم في صفوف من يدعي الحمية والنصرة، فإنهم يتكاثرون يوماً بعد يوم، ويحصلون على دعم سخي بطرق غير مباشرة من الأعداء لزعزعة الأمن والاستقرار في الدويلات الإسلامية، فلا تغتروا بطائرات أمريكا التي بغير طيار ضد تنظيم القاعدة في بعض الأماكن دون الأماكن الأخرى، فإن أمريكا لا تلجأ إلى استعمال القوة مع هؤلاء الطائشين إلا عند رجحان مصلحتها.

ثانياً : ينبغي لولاة الأمر إصدار العفو العام عن المغرر بهم ممن تم القبض عليهم مع عمل تعهد خطي في ألا يعود من ثبتت تهمته.

وقد تكرر من حكومة المملكة العفو حتى أعذروا إلى الله، ثم إلى الناس، وقد كان دواءً نافعاً لبعض الشباب الذين راجعوا أنفسهم وعادوا إلى رشدهم، إلا أن بعض الطائشين ممن شملهم العفو عادوا إلى الفكر حتى تمادوا فيه.

ثالثاً : يجب على محققي الأمن والمباحث أن يتعاملوا مع السجناء منهم تعاملاً شرعياً من غير تعنيف، حتى يشعر أصحاب هذا الفكر أن هؤلاء المحققين إخوان لهم، يجمعهم الدين وحب الأمن والاستقرار، حتى يتسبب هذا التعامل الشرعي في عودتهم إلى الجادة.

رابعاً : يجب أن يستغل مدراء السجون ومحققوه وأفراده دخول هؤلاء الذين تم القبض عليهم بحسن استقبالهم وإشعارهم أنهم إخوانهم وأن يساعدوهم على المحافظة على الصلاة في وقتها جماعة، وأن يربطوهم بشكل يومي بإدارة التوجيه الديني في السجون وبلجان التوعية مع فتح المجال للسماع لهم لينفسوا عما في صدورهم حول ما يمقتون على الحكومة لمعرفة الداء وموضعه، حتى يتم رفع التقارير للجنة العلمية المكلفة بحوارهم وتوجيههم بطرق صحيحة.

خامساً : في حال استخدمت الدولة كافة الوسائل المتقدمة ومضى عليها فترة زمنية كافية، ولم ينفع مع بعضهم الإحسان واللطف والوعظ، فيلزم إحالة ملفاتهم للمحاكم الشرعية، ثم تُنفذ فيهم الأحكام الشرعية من سجن ونحوه، ولا يعني أن الأحكام إذا ظهرت في المحكومين انعدم الإحسان معهم والتلطف والحوار والتوجيه، بل هذا مطلوب شرعاً حتى وان استمر المتهم في فكره وغيه، فالتعامل الشرعي شيء، وإقامة الأحكام التي تقررها المحاكم الشرعية شيء آخر.

سادساً : ألا يكون دور اللجان ضد هذا الفكر محصوراً لدى السجون وإدارات الأمن والمباحث، بل لا بد أن يتعدى ليصل كافة الميادين على مستوى الوزارات والهيئات والمساجد والجامعات والمدارس والأندية الشبابية والإعلامية المقروءة والمسموعة، وأن يحذروا من حرية الصحافة في هذا الباب، الذي فيه " الجمر تحت الرماد" بحيث لا يكتب في هذا المجال من يوقد الفتنة ويشعلها من خلال تقريره الصحفي أو مقاله، بل لا بد من اختيار من يحسن إطفاء الفتنة وإخمادها من الدعاة والصحفيين والكتَّاب بأحسن الأساليب وأرحمها، حتى لا يوغر الصدور ويؤجج الفتن في مجتمعاتنا المحافظة، لأن المغزى من المقال أو التقرير الصحفي معالجة الداء وليس زراعته أو تقويته.

سابعاً : إدخال موضوع خطر الفكر الخارجي ضمن المناهج الدراسية والدورات التأهيلية لكافة أبناء الدولة بأوجز العبارات مدعومة بالأدلة من الكتاب والسنة.

ثامناً : عمل بعض البرامج المرئية والمسموعة من خلال استضافة بعض الشخصيات التائبة من هذا الفكر، مع إظهار حسن التعامل مع التائب من خلال البرنامج، وأن يكون مقدم البرنامج شخصاً فطناً يحتوي كل من يشاهد أو يسمع برنامجه بحسن تعامله مع الضيف، مشعراً المشاهدين والمستمعين أن أصحاب هذا الفكر إخوان لنا، لولا ما يحملونه من الأفكار التي تتصادم مع الشريعة السمحة، بحيث لا يُظْهِر مقدم البرنامج التحامل على الضيف التائب من خلال برنامجه، بل ينقد بطريقة محببة للنفوس ليكسب التائب والجمهور المشاهد أو المستمع.

وأخيراً أقول :

إن احتواء أصحاب هذا الفكر بشتى الوسائل الصحيحة والحكيمة دليلٌ على نجاح الدولة وولاتها، ولنا في نبي الله هارون عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة، فإنه لمَّا قال لأخيه نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام :" فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ "([1]) أرسى مبدأ احتواء الخلاف وكيفية علاج قضايا الأمة بعيداً عن تدخل الأعداء وسياساتهم الخبيثة القائمة على زرع الفتن والقلاقل بين الراعي والرعية، والله أعلى وأعلم، وأعز وأكرم، وصلى الله على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.

حرر بمدينة الرياض، بتاريخ 15 رمضان لعام 1435هـ



[1] سورة الأعراف، الآية رقم (150).













المصدر

http://ift.tt/1JXn2O4






الحلول والتوصيات لولاة الأمر فيما يتعلق بالمتأثرين بالفكر الخارجي

الحلول والتوصيات لولاة الأمر فيما يتعلق بالمتأثرين بالفكر الخارجي



الحلول والتوصيات لولاة الأمر فيما يتعلق بالمتأثرين بالفكر الخارجي

بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني


تكلمت في مقالات سابقة عن شبهات المتأثرين بالفكر الخارجي، وأجبت عن شبهاتهم بما رأيت أنه كافٍ لدحضها، معتمداً على نصوص الكتاب والسنة وواقع السلف، ويطيب لي في هذا المقال أن أضع بعض الحلول التي يمكن أن تعالج هذا الفكر أو تخفف من انتشاره، من خلال هذه المقترحات التي أوجهها لولاة الأمر :

أولاً : يجب تكوين لجنة علمية من العلماء والدعاة المصلحين المشفقين على هذه الأمة لفتح باب الحوار مع أصحاب هذا الفكر، بحيث يُعرف أعضاء اللجنة بالعلم الصحيح والمعتقد السليم والمنهج القويم، كما يعرفون بالرحمة والشفقة، وحب الهداية للمخالفين، واللين في تعاملهم مع المخالف، وقد سعت الحكومة السعودية بعمل حملة من الدعاة تتولى هذه المسؤولية ميدانياً وعبر شبكات الإنترنت، وإنه لينبغي لبقية الحكومات الإسلامية أن تخطو نحو هذه الخطوات المباركة بدلاً من استعمال أساليب العنف التي تولد الانفجار وانتشار دعوتهم في صفوف من يدعي الحمية والنصرة، فإنهم يتكاثرون يوماً بعد يوم، ويحصلون على دعم سخي بطرق غير مباشرة من الأعداء لزعزعة الأمن والاستقرار في الدويلات الإسلامية، فلا تغتروا بطائرات أمريكا التي بغير طيار ضد تنظيم القاعدة في بعض الأماكن دون الأماكن الأخرى، فإن أمريكا لا تلجأ إلى استعمال القوة مع هؤلاء الطائشين إلا عند رجحان مصلحتها.

ثانياً : ينبغي لولاة الأمر إصدار العفو العام عن المغرر بهم ممن تم القبض عليهم مع عمل تعهد خطي في ألا يعود من ثبتت تهمته.

وقد تكرر من حكومة المملكة العفو حتى أعذروا إلى الله، ثم إلى الناس، وقد كان دواءً نافعاً لبعض الشباب الذين راجعوا أنفسهم وعادوا إلى رشدهم، إلا أن بعض الطائشين ممن شملهم العفو عادوا إلى الفكر حتى تمادوا فيه.

ثالثاً : يجب على محققي الأمن والمباحث أن يتعاملوا مع السجناء منهم تعاملاً شرعياً من غير تعنيف، حتى يشعر أصحاب هذا الفكر أن هؤلاء المحققين إخوان لهم، يجمعهم الدين وحب الأمن والاستقرار، حتى يتسبب هذا التعامل الشرعي في عودتهم إلى الجادة.

رابعاً : يجب أن يستغل مدراء السجون ومحققوه وأفراده دخول هؤلاء الذين تم القبض عليهم بحسن استقبالهم وإشعارهم أنهم إخوانهم وأن يساعدوهم على المحافظة على الصلاة في وقتها جماعة، وأن يربطوهم بشكل يومي بإدارة التوجيه الديني في السجون وبلجان التوعية مع فتح المجال للسماع لهم لينفسوا عما في صدورهم حول ما يمقتون على الحكومة لمعرفة الداء وموضعه، حتى يتم رفع التقارير للجنة العلمية المكلفة بحوارهم وتوجيههم بطرق صحيحة.

خامساً : في حال استخدمت الدولة كافة الوسائل المتقدمة ومضى عليها فترة زمنية كافية، ولم ينفع مع بعضهم الإحسان واللطف والوعظ، فيلزم إحالة ملفاتهم للمحاكم الشرعية، ثم تُنفذ فيهم الأحكام الشرعية من سجن ونحوه، ولا يعني أن الأحكام إذا ظهرت في المحكومين انعدم الإحسان معهم والتلطف والحوار والتوجيه، بل هذا مطلوب شرعاً حتى وان استمر المتهم في فكره وغيه، فالتعامل الشرعي شيء، وإقامة الأحكام التي تقررها المحاكم الشرعية شيء آخر.

سادساً : ألا يكون دور اللجان ضد هذا الفكر محصوراً لدى السجون وإدارات الأمن والمباحث، بل لا بد أن يتعدى ليصل كافة الميادين على مستوى الوزارات والهيئات والمساجد والجامعات والمدارس والأندية الشبابية والإعلامية المقروءة والمسموعة، وأن يحذروا من حرية الصحافة في هذا الباب، الذي فيه " الجمر تحت الرماد" بحيث لا يكتب في هذا المجال من يوقد الفتنة ويشعلها من خلال تقريره الصحفي أو مقاله، بل لا بد من اختيار من يحسن إطفاء الفتنة وإخمادها من الدعاة والصحفيين والكتَّاب بأحسن الأساليب وأرحمها، حتى لا يوغر الصدور ويؤجج الفتن في مجتمعاتنا المحافظة، لأن المغزى من المقال أو التقرير الصحفي معالجة الداء وليس زراعته أو تقويته.

سابعاً : إدخال موضوع خطر الفكر الخارجي ضمن المناهج الدراسية والدورات التأهيلية لكافة أبناء الدولة بأوجز العبارات مدعومة بالأدلة من الكتاب والسنة.

ثامناً : عمل بعض البرامج المرئية والمسموعة من خلال استضافة بعض الشخصيات التائبة من هذا الفكر، مع إظهار حسن التعامل مع التائب من خلال البرنامج، وأن يكون مقدم البرنامج شخصاً فطناً يحتوي كل من يشاهد أو يسمع برنامجه بحسن تعامله مع الضيف، مشعراً المشاهدين والمستمعين أن أصحاب هذا الفكر إخوان لنا، لولا ما يحملونه من الأفكار التي تتصادم مع الشريعة السمحة، بحيث لا يُظْهِر مقدم البرنامج التحامل على الضيف التائب من خلال برنامجه، بل ينقد بطريقة محببة للنفوس ليكسب التائب والجمهور المشاهد أو المستمع.

وأخيراً أقول :

إن احتواء أصحاب هذا الفكر بشتى الوسائل الصحيحة والحكيمة دليلٌ على نجاح الدولة وولاتها، ولنا في نبي الله هارون عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة، فإنه لمَّا قال لأخيه نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام :" فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ "([1]) أرسى مبدأ احتواء الخلاف وكيفية علاج قضايا الأمة بعيداً عن تدخل الأعداء وسياساتهم الخبيثة القائمة على زرع الفتن والقلاقل بين الراعي والرعية، والله أعلى وأعلم، وأعز وأكرم، وصلى الله على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.

حرر بمدينة الرياض، بتاريخ 15 رمضان لعام 1435هـ



[1] سورة الأعراف، الآية رقم (150).













المصدر

http://ift.tt/1JXn2O4






الحلول والتوصيات لولاة الأمر فيما يتعلق بالمتأثرين بالفكر الخارجي

7 نصائح لتوفير ميزانية يوم زفافك

الدعاة إلى الله والواقع المؤلم



الدعاة إلى الله والواقع المؤلم

بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني





دعاة الحق : هم أبناء هذه الدعوة المباركة الذين حملوا على عواتقهم همَّ الدعوة إلى الله على ضوء الكتاب والسنة، ولا زال هؤلاء الأبناء يتوارثون هذه المهمة جيلاً بعد جيل حتى قيام الساعة.



ولا غرابة لو قلت : إن عامة الدعاة السلفيين اليوم يعانون من عدم التكاتف والتعاون الأخوي الذي بوجوده يكونون قوةً عظيمةً، لها مكانتها وكلمتها وقدرها بين المجتمعات حُكَّاماً ومحكومين.



ولا أعني بهذا التكاتف أن يكونوا قوة عارمة للقيام على المنابر لتحريض الشعوب على حكامهم من خلال المبادئ الديمقراطية التي جاءت لتحل محل مبادئ الإسلام فتلقفها من لا خلاق له في العلم والتعقل ليجعلها مسلكاً لتربية الأجيال المغرر بها.



فإن الديمقراطية ومبادئها من الجاهلية التي دحضها الإسلام بمبادئه، ولو أدرك بعض من يخوض في ذلك ممن ينتسب للدعوة لَعَلِمَ علم اليقين أنه يعيد الجاهلية الأولى بوسائل جديدة لتقول أفعاله : إن الديمقراطية هي الحل الوحيد لحكم الشعب في عصرنا الحاضر، فعيبٌ على بعض من تسمى بالسلفية أن يكون ديدنه بين الحين والآخر ديدن عوام العلمانية، وقد كان يقول بالأمس القريب: المظاهرات لا تحل شرعاً، واليوم يقول :



المصلحة تقتضي ذلك دون أن يقيد المصلحة بضوابطها الشرعية حسب الزمان والمكان فإن أحوال البلدان تختلف كما قال ابن تيمية وغيره، ولا نعلم أن هناك مصلحة خالية من الضوابط الشرعية إلا عندما بلينا بمن جعل الفتيا لكل مَن تعمَّمَ بعمامة العلم.



ومهما يكن من شئ فإني أقصد أن يكونوا قوة عارمة بالعلم الشرعي وروح التواصل لمناقشة قضايا الأمة واجتماع الكلمة فإذا أثبتوا وجودهم في مجتمعاتهم وكانوا يداً واحدة هابهم القاصي والداني وجعل لهم القدر من الاحترام وسماع الكلمة، وعندها يستطيع كبارهم بعد التشاور في ما بينهم أن يتوجهوا للسلطان وينصحوه في كل ما يخالف الشرع، فيدخلوا عليه معززين مكرمين مهابين.



وليكن في علمكم يا معاشر الدعاة أن السلاطين والحكام لا يلقون لكم بالاً ما دامت كلمتكم شذر مذر، بل أنتم حينها عندهم صغار لا قيمة لكم ، لا يعبأ الحاكم بمن جاءه أو نصحه وحاله كحالكم لأن شأن السلف رغم وجود الخلاف في عصرهم ليس كشأنكم، فالأمر مختلف، وخير حكامكم ـ هذا إن قبل الدخول عليه ـ من أحسن إليكم بكلمة طيبة أو راتب، أو وظيفة ، وعندها يضعف في مثل هذه المواقف بعض الأفاضل، فيعلنون الولاء المطلق الذي يُعجزهم من نصيحة الحاكم وتذكيره بالله، إلى درجة أن بعضهم يُحرج من الشفاعات اليسيرة التي يَرفع بمثلها آلاماً كثيرة عن الضعفاء والمساكين والدعاة إلى الله ، بينما الآخر علماني يتقرب إلى السلطان بكثرة الشفاعات التي لا تُرد في جملتها، وكم الفرق بين عالم وعلماني؟!! وكلاهما يعمل عند السلطان، فالعالم يُحرج أن يشفع خوفاً أن يرده ولي الأمر أو يغضب عليه، والعلماني شجاع بطل في ميدانه يتكلم وإن ردَّه مرة قبل منه مرات، أظن أننا في زمن الضعف الذي جمع بين الجبن والمصلحة الشخصية إلا ما رحم ربي.



لقد عَلَّمنا ديننا مبدأ حب ولاة الأمر والسمع والطاعة لهم بالمعروف، كما علمنا الشجاعة والجراءة المنضبطة بحدود الشرع، وأن نختلي بحكامنا لنناصحهم لله وفي الله على مراد الله بما تعود مصلحتُه على الحاكم والمحكوم بما لا يخدش تقوانا ومروءتنا.



وإني لأعجب من بعض الدعاة الأفاضل القائلين إن السلاطين أغلقوا أبوابهم في وجوهنا ولا نستطيع الوصول إليهم، فأقول : نعم أغلقوا الباب في وجهك لأنك تعمل لوحدك ولا تتكاتف مع إخوانك الدعاة فلا يبالي بك السلطان لأنه لا يرى لك وجوداً في المجتمع، فقوتك ووجودك في المجتمع لا يكون إلا بترابطك بأخيك، وكما تقول العامة : اليد الواحدة لا تصفق، فهذا الترابط يزرع في قلب السلطان لك ولإخوانك مزيداً من الاحترام والاهتمام إذ بهذا الترابط تكون مؤثراً فعَّالاً في المجتمع، مما يجعل لك مكانةً في قلب من حولك وعند حاكمك، فإن تواصل الدعاة في ما بينهم وكثرة اجتماعاتهم ولو في الشهر مرة في كل مدينة مع زيارة سنوية منظمة لجملة من الدعاة لحاكم المدينة ولو في الأعياد ثم زيارة العاصمة واللقاء بكبار علمائها ودعاتها سنوياً والتعرف عليهم مع طرح بعض القضايا ومطالبتهم بزيارة مدينتك لإلقاء الندوات العلمية التي يتم الإعلان عنها على مستوى مكثف لجمع أكبر عددٍ من أبناء المدينة والقرى المجاورة لتوعية الناس بأمور دينهم ودنياهم.



وبهذا ستجد روح التواصل بين دعاة الحق في البلد الواحد، ومن ثَمَّ يتم التوسع لزيارة بعض دعاة الحق على مستوى البلدان الأخرى لمناقشة قضايا الأمة، وحينها يستطيع هؤلاء الدعاة أن يقيموا مراكز متخصصة لربط الدعاة بعضهم ببعض ابتداء بمدينتك ثم دولتك ثم بقية الدول، ويتطوع بعض الأشخاص ليكونوا حلقة الوصل لتهيئة مثل هذا الارتباط الأخوي العظيم، فليس هذا من الحزبية المقيتة ولكنه من صميم الشرع المطهر الذي يقول وحيه " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدو بعضه بعضاً ".



نعم نختلف مع الجماعات التي تدافع عن الإسلام من منطلق ديني بشتى أنواع الوسائل المشروعة والمبررة أنها جائزة لمصلحة شرعية، سواء كانت سليمة المسلك أم لا، لكن لا يعني ذلك أن لا يكون يا معاشر الدعاة نصيب من توجيه أصحاب تلك المبادئ المعاصرة بالحكمة والعلم والحلم، فإننا في عصر أحوج ما نكون فيه إلى اللين وإقامة الحجج بالتي هي أحسن، ولن يُغلب صاحب حق عقل واقعه وأدرك خطورة ما نعانيه.



إذن أمامكم أيها الدعاة مهام عظيمة تبدأ بجمع الكلمة بدء بالزيارات والتواضع لإخوانكم وكسر الكلمات العفوية: أنا أعلم منه وأنا أسبق وأنا دكتور وأنا مشهور أكثر ... دعوها فإنها كلمات شيطانية، وابدأوا بالتواصل الأخوي وغرس مبدأ الأخوة بالتدرج حتى تتوسع بمبادئها بين الدعاة.



فإلى متى سيظل كل واحد منا يعمل بمفرده، ثم إذا حصلت ملمة لم يستطع الواحد منا أن يدفعها لأن كل واحدٍ منكم لا يعنيه ما يعاني منه الآخر، والله المستعان.


حرر يوم الجمعة بتاريخ 9 ربيع الأول لعام 1432هـ بمدينة أمان الله ـ الفلبين المسلوبة





المصدر

http://ift.tt/1JWVPLu






الدعاة إلى الله والواقع المؤلم

الدعاة إلى الله والواقع المؤلم



الدعاة إلى الله والواقع المؤلم

بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني





دعاة الحق : هم أبناء هذه الدعوة المباركة الذين حملوا على عواتقهم همَّ الدعوة إلى الله على ضوء الكتاب والسنة، ولا زال هؤلاء الأبناء يتوارثون هذه المهمة جيلاً بعد جيل حتى قيام الساعة.



ولا غرابة لو قلت : إن عامة الدعاة السلفيين اليوم يعانون من عدم التكاتف والتعاون الأخوي الذي بوجوده يكونون قوةً عظيمةً، لها مكانتها وكلمتها وقدرها بين المجتمعات حُكَّاماً ومحكومين.



ولا أعني بهذا التكاتف أن يكونوا قوة عارمة للقيام على المنابر لتحريض الشعوب على حكامهم من خلال المبادئ الديمقراطية التي جاءت لتحل محل مبادئ الإسلام فتلقفها من لا خلاق له في العلم والتعقل ليجعلها مسلكاً لتربية الأجيال المغرر بها.



فإن الديمقراطية ومبادئها من الجاهلية التي دحضها الإسلام بمبادئه، ولو أدرك بعض من يخوض في ذلك ممن ينتسب للدعوة لَعَلِمَ علم اليقين أنه يعيد الجاهلية الأولى بوسائل جديدة لتقول أفعاله : إن الديمقراطية هي الحل الوحيد لحكم الشعب في عصرنا الحاضر، فعيبٌ على بعض من تسمى بالسلفية أن يكون ديدنه بين الحين والآخر ديدن عوام العلمانية، وقد كان يقول بالأمس القريب: المظاهرات لا تحل شرعاً، واليوم يقول :



المصلحة تقتضي ذلك دون أن يقيد المصلحة بضوابطها الشرعية حسب الزمان والمكان فإن أحوال البلدان تختلف كما قال ابن تيمية وغيره، ولا نعلم أن هناك مصلحة خالية من الضوابط الشرعية إلا عندما بلينا بمن جعل الفتيا لكل مَن تعمَّمَ بعمامة العلم.



ومهما يكن من شئ فإني أقصد أن يكونوا قوة عارمة بالعلم الشرعي وروح التواصل لمناقشة قضايا الأمة واجتماع الكلمة فإذا أثبتوا وجودهم في مجتمعاتهم وكانوا يداً واحدة هابهم القاصي والداني وجعل لهم القدر من الاحترام وسماع الكلمة، وعندها يستطيع كبارهم بعد التشاور في ما بينهم أن يتوجهوا للسلطان وينصحوه في كل ما يخالف الشرع، فيدخلوا عليه معززين مكرمين مهابين.



وليكن في علمكم يا معاشر الدعاة أن السلاطين والحكام لا يلقون لكم بالاً ما دامت كلمتكم شذر مذر، بل أنتم حينها عندهم صغار لا قيمة لكم ، لا يعبأ الحاكم بمن جاءه أو نصحه وحاله كحالكم لأن شأن السلف رغم وجود الخلاف في عصرهم ليس كشأنكم، فالأمر مختلف، وخير حكامكم ـ هذا إن قبل الدخول عليه ـ من أحسن إليكم بكلمة طيبة أو راتب، أو وظيفة ، وعندها يضعف في مثل هذه المواقف بعض الأفاضل، فيعلنون الولاء المطلق الذي يُعجزهم من نصيحة الحاكم وتذكيره بالله، إلى درجة أن بعضهم يُحرج من الشفاعات اليسيرة التي يَرفع بمثلها آلاماً كثيرة عن الضعفاء والمساكين والدعاة إلى الله ، بينما الآخر علماني يتقرب إلى السلطان بكثرة الشفاعات التي لا تُرد في جملتها، وكم الفرق بين عالم وعلماني؟!! وكلاهما يعمل عند السلطان، فالعالم يُحرج أن يشفع خوفاً أن يرده ولي الأمر أو يغضب عليه، والعلماني شجاع بطل في ميدانه يتكلم وإن ردَّه مرة قبل منه مرات، أظن أننا في زمن الضعف الذي جمع بين الجبن والمصلحة الشخصية إلا ما رحم ربي.



لقد عَلَّمنا ديننا مبدأ حب ولاة الأمر والسمع والطاعة لهم بالمعروف، كما علمنا الشجاعة والجراءة المنضبطة بحدود الشرع، وأن نختلي بحكامنا لنناصحهم لله وفي الله على مراد الله بما تعود مصلحتُه على الحاكم والمحكوم بما لا يخدش تقوانا ومروءتنا.



وإني لأعجب من بعض الدعاة الأفاضل القائلين إن السلاطين أغلقوا أبوابهم في وجوهنا ولا نستطيع الوصول إليهم، فأقول : نعم أغلقوا الباب في وجهك لأنك تعمل لوحدك ولا تتكاتف مع إخوانك الدعاة فلا يبالي بك السلطان لأنه لا يرى لك وجوداً في المجتمع، فقوتك ووجودك في المجتمع لا يكون إلا بترابطك بأخيك، وكما تقول العامة : اليد الواحدة لا تصفق، فهذا الترابط يزرع في قلب السلطان لك ولإخوانك مزيداً من الاحترام والاهتمام إذ بهذا الترابط تكون مؤثراً فعَّالاً في المجتمع، مما يجعل لك مكانةً في قلب من حولك وعند حاكمك، فإن تواصل الدعاة في ما بينهم وكثرة اجتماعاتهم ولو في الشهر مرة في كل مدينة مع زيارة سنوية منظمة لجملة من الدعاة لحاكم المدينة ولو في الأعياد ثم زيارة العاصمة واللقاء بكبار علمائها ودعاتها سنوياً والتعرف عليهم مع طرح بعض القضايا ومطالبتهم بزيارة مدينتك لإلقاء الندوات العلمية التي يتم الإعلان عنها على مستوى مكثف لجمع أكبر عددٍ من أبناء المدينة والقرى المجاورة لتوعية الناس بأمور دينهم ودنياهم.



وبهذا ستجد روح التواصل بين دعاة الحق في البلد الواحد، ومن ثَمَّ يتم التوسع لزيارة بعض دعاة الحق على مستوى البلدان الأخرى لمناقشة قضايا الأمة، وحينها يستطيع هؤلاء الدعاة أن يقيموا مراكز متخصصة لربط الدعاة بعضهم ببعض ابتداء بمدينتك ثم دولتك ثم بقية الدول، ويتطوع بعض الأشخاص ليكونوا حلقة الوصل لتهيئة مثل هذا الارتباط الأخوي العظيم، فليس هذا من الحزبية المقيتة ولكنه من صميم الشرع المطهر الذي يقول وحيه " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدو بعضه بعضاً ".



نعم نختلف مع الجماعات التي تدافع عن الإسلام من منطلق ديني بشتى أنواع الوسائل المشروعة والمبررة أنها جائزة لمصلحة شرعية، سواء كانت سليمة المسلك أم لا، لكن لا يعني ذلك أن لا يكون يا معاشر الدعاة نصيب من توجيه أصحاب تلك المبادئ المعاصرة بالحكمة والعلم والحلم، فإننا في عصر أحوج ما نكون فيه إلى اللين وإقامة الحجج بالتي هي أحسن، ولن يُغلب صاحب حق عقل واقعه وأدرك خطورة ما نعانيه.



إذن أمامكم أيها الدعاة مهام عظيمة تبدأ بجمع الكلمة بدء بالزيارات والتواضع لإخوانكم وكسر الكلمات العفوية: أنا أعلم منه وأنا أسبق وأنا دكتور وأنا مشهور أكثر ... دعوها فإنها كلمات شيطانية، وابدأوا بالتواصل الأخوي وغرس مبدأ الأخوة بالتدرج حتى تتوسع بمبادئها بين الدعاة.



فإلى متى سيظل كل واحد منا يعمل بمفرده، ثم إذا حصلت ملمة لم يستطع الواحد منا أن يدفعها لأن كل واحدٍ منكم لا يعنيه ما يعاني منه الآخر، والله المستعان.


حرر يوم الجمعة بتاريخ 9 ربيع الأول لعام 1432هـ بمدينة أمان الله ـ الفلبين المسلوبة





المصدر

http://ift.tt/1JWVPLu






الدعاة إلى الله والواقع المؤلم

الدعاة إلى الله وأزمة التفاهم



الدعاة إلى الله وأزمة التفاهم

بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني




الدعوة إلى الله أمانة عظيمة استودعها ربنا أولئك الدعاة الذين يمثلون صفوة المجتمع الإسلامي ، وعندما يخل أولئك الدعاة وطلاب العلم بهذه المسؤولية ، يكونون قد ارتكبوا جرماً عظيما في عدم المحافظة عليها، ولا شك أن الحفاظ عليها يعني القيام بها كما أحبه ربنا ـ سبحانه ـ من بيان أحكامه ومنهجه الذي ارتضاه لعباده، ومن لوازم هذا البيان وجود الألفة والتواصل والتناصح بين الدعاة وطلاب العلم، والسعي الحثيث لمعالجة أمراض الأمة باختلاف أنواعها العقدية والمنهجية والأخلاقية بالعلم والحكمة، ولعل أهم شيء في هذا الباب معالجة ما في صدور بعض الدعاة من بغض وتنافر لبعض إخوانهم المسلمين، إذ الطبيب لا يصلح أن يعالج غيره وهو مريض، والدعاة إلى الله من باب أولى.

فمن العجب العجاب وجود بعض الشخصيات المتعلمة التي تجمع بعض المحبين حولها من الطلاب وغيرهم، ليقوي بذلك أزره في ذم أقرانه وإخوانه من طلاب العلم، بحجة تصفية وتنقية المجتمعات من الشوائب والأدران ، باعتبار أنَّ مَن وافقه على ما هو عليه فصفيٌ مختار، ومَنْ خالفه وصَدَقَهُ النصح فَدَرَنٌ يجب إسقاطه وإزالته من الساحة ، حتى وإن كان أعلم منه أو من خيرة العلماء، والأعجب من ذلك أن يجعل بينه وبين قرينه حجاباً يمنع من التواصل معه والنصح له، وهذه بدعة جديدة ما علمناها عن سلفنا الصالح ـ رضوان الله عليهم ـ ، وهنا مربط الفرس ، " حيث تظهر أزمة التفاهم بين العاملين في حقل الدعوة إلى الله ".

أنا أتصور لو أن الوالد استعمل الشدة مع ولدٍ له، يبلغ من العمر خمسة عشر سنة دون أن يحاوره أو يناقشه مكتفياً بمبدأ "اسمع ونفذ" وإلا ضربتك ، أنا أتصور أن هذا الشاب سيظل يفكر كيف يفتك من العيش مع أبيه ؛ لأنه يشعر أنه مجرد آلة تنفذ أوامر تتلقاها من والد لا يحق لنا أن نسميه مربياً، لأنه بهذه الطريقة قد تسبب في تفكك هذه الأسرة الصغيرة التي تتكون من أبوين وشاب وحيدٍ، أو معه إخوة يُعَدّون على الأصابع، فما بالكم لو أن هناك شخصاً متعلماً يدعي أنه من أهل العلم ، ويقول للعلماء أو للأقران فضلا عن الناس : " ما جئت به هو الحق ولا أنطق سواه، ومن خالف هذا الذي أقوله فهو محترق يجب التحذير منه، وإسقاطه من حقل الدعوة".

إذن من هنا تبدأ أزمة التفاهم مع مَنْ يراهم المجتمع العامي أنهم صفوة المجتمع وإبريزه الصافي، فداعية كهذا يرى غيره من أهل العلم لا يساوي وزناً، جديرٌ في زعزعة قطيعٍ من أبناء هذه الأمة عن المبادئ السلفية الحية، وهذا من الطيش الذي سببه واحد من أمرين : إما الغرور وإما سوء التلقي، ولا يمكن أن أقول سببه الجهل ؛ لأنه تَقَمَّص بالعلم وأخذ عن بعض العلماء، ربما تكون مادته العلمية ضعيفة ، لكنه بالجملة قد جالس بعض أهل العلم ، وربما جالسهم سنوات ، فهو على منصة العلم، وعلينا معاشر الدعاة أن نعترف بأصحاب المنصات ؛ لأن الواقع يكذبنا لو قلنا بأنه ليس من أهل العلم، فالإنصاف يلزمنا أن نقول فلان عنده علم وطلاب، ولكن ليس حكيماً ؛ لسوء التلقي الذي أوقعه في الغرور.

ولا عجب أن يوجد في مجتمعاتنا علماء تنقصهم الحكمة ، سواء كانوا صغاراً بلباس الكبار ، أو كانوا كباراً في السن والعلم.

والإنسان بطبيعة فطرته يحب الكمال في كل شيء ، لكن الأشخاص يتفاوتون في هذا الباب ، فهناك شخصيات ضعيفة تبحث عن إثبات وجودها في المجتمع، فلا تجد إلا أن تطرق باب الظهور في الساحة ، ولو على حساب أقرب الناس له، حتى وإن تعدى الظهور بغيبة فلان من الناس، على حساب أن يظهر في الساحة، معرضاً عن أدب النقد وحقوق أخوة الإسلام تحت ستار علم الجرح والتعديل.

وقد قلنا قديماً : ليس النقد مرفوضاً ، بل مطلوباً ممن يجيده على ضوء الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، وكم من الشخصيات تحت هذا الستار أضروا بالأمة، ولم يقدموا لها سوى النفرة والتبديع وتضليلِ كثيرٍ من أبناء الحقل الدعوي المبارك.

هؤلاء يشبهون من منظور ضيق في بعض العلامات أولئك الأقوام الذين يدَّعون في كتاباتهم وخطبهم ومحاضراتهم أنهم أهل السنة والجماعة، وقد خرجوا عن منهج الله ، وهم مبتدعة ضالون بإجماع أهل السنة قديماً وحديثاً، وذلك لتعطيلهم في باب أسماء وصفات الباري جل وعلا، وهم يقولون : إنهم أهل السنة والجماعة، بمعنى : ينثرون الرماد في وجوه أولي الأبصار ، "وأنى لهم التناوش من مكان بعيد" ؟؟!!!

وعند المقارنة : ماذا قدم أولئك الدعاة الذين أزَّموا روح التواصل مع إخوانهم الدعاة لعلاج أمراض الأمة سوى زيادة الأمراض في الساحة، لا شك أني سأنثر كلمات سبقني إلى مثلها شيخ المتوجعين ، العالم الرباني بكر أبو زيد ـ رحمه الله ـ ، الذي نثر الكثير من مثل ذلك ثم رحل إلى باريه، دون أن يستفيد من كلماته الناصعة الناصحة سوى قلة قليلة من الدعاة، مع أنَّ كثيراً من الدعاة سخَّرها في غير ما وضعت له، للتشفي من إخوانه الطاهرين.

ولكن مهما يكن من شيء فلا بد من البيان والإيضاح والسعي الحثيث لمناصحة أولئك الدعاةـ وإن لم يلتفتوا إلى نصح الناصحين ـ في أن ينزلوا للساحة ، ويقبلوا باب النصح واللين بالعلم والحكمة، فالكلٌّ راد ومردود، ولكن بالعلم الصحيح، مع احترام أدب الحوار والرد، بحيث يتجلى فينا جميعاً قوله ـ سبحانه ـ " وقولوا للناس حسناً " مع قيام ميزان العدل عند التصنيف، وبقاء أخوة الدين وإن اختلفنا، طالما واتحد المنهج.

ولنا في سلفنا الصالح القدوة الحسنة، قال يونس الصدفي([1]) : ما رأيت أعقل من الشافعي ، ناظرته يوماً في مسألة، ثم افترقنا ولقيني فأخذ بيدي، ثم قال : يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخواناً ، وإنْ لم نتفق في مسألة "([2]).

ما أجملها من كلمات " ألا يستقيم أن نكون إخواناً ، وإنْ لم نتفق في مسألة ".

هذا هو المنهج الشرعي الأخلاقي السلفي الذي تغافل عنه كثير من أبناء الإسلام ، وخصوصاً بعض المتعلمين الذي يرعون قطيعاً غفيراً من أبناء الأمة.

وأخيراً تبقى أزمات مجتمعنا الإسلامي قائمة ، طالما وأزمة التفاهم بين الدعاة ظاهرة تشوبها كثير من المنغصات والأوجاع، فلا يستقيم الناس حتى يكونوا على منهج مَنْ سبقهم من سلف هذه الأمة،ـ وهذا هو الحل الوحيد ـ ولكن أكثر الناس لا يعقلون.

(1) يونس بن عبد الأعلى: عالم الديار المصرية، الإمام أبو موسى الصدفي المصري الحافظ المقرىء الفقيه، مولده في آخر سنة سبعين ومائة هجرية.

(2) سِيَر أعلام النبلاء للذهبي (10/ 16)







المصدر

http://ift.tt/1yXSZCn






الدعاة إلى الله وأزمة التفاهم

الدعاة إلى الله وأزمة التفاهم



الدعاة إلى الله وأزمة التفاهم

بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني




الدعوة إلى الله أمانة عظيمة استودعها ربنا أولئك الدعاة الذين يمثلون صفوة المجتمع الإسلامي ، وعندما يخل أولئك الدعاة وطلاب العلم بهذه المسؤولية ، يكونون قد ارتكبوا جرماً عظيما في عدم المحافظة عليها، ولا شك أن الحفاظ عليها يعني القيام بها كما أحبه ربنا ـ سبحانه ـ من بيان أحكامه ومنهجه الذي ارتضاه لعباده، ومن لوازم هذا البيان وجود الألفة والتواصل والتناصح بين الدعاة وطلاب العلم، والسعي الحثيث لمعالجة أمراض الأمة باختلاف أنواعها العقدية والمنهجية والأخلاقية بالعلم والحكمة، ولعل أهم شيء في هذا الباب معالجة ما في صدور بعض الدعاة من بغض وتنافر لبعض إخوانهم المسلمين، إذ الطبيب لا يصلح أن يعالج غيره وهو مريض، والدعاة إلى الله من باب أولى.

فمن العجب العجاب وجود بعض الشخصيات المتعلمة التي تجمع بعض المحبين حولها من الطلاب وغيرهم، ليقوي بذلك أزره في ذم أقرانه وإخوانه من طلاب العلم، بحجة تصفية وتنقية المجتمعات من الشوائب والأدران ، باعتبار أنَّ مَن وافقه على ما هو عليه فصفيٌ مختار، ومَنْ خالفه وصَدَقَهُ النصح فَدَرَنٌ يجب إسقاطه وإزالته من الساحة ، حتى وإن كان أعلم منه أو من خيرة العلماء، والأعجب من ذلك أن يجعل بينه وبين قرينه حجاباً يمنع من التواصل معه والنصح له، وهذه بدعة جديدة ما علمناها عن سلفنا الصالح ـ رضوان الله عليهم ـ ، وهنا مربط الفرس ، " حيث تظهر أزمة التفاهم بين العاملين في حقل الدعوة إلى الله ".

أنا أتصور لو أن الوالد استعمل الشدة مع ولدٍ له، يبلغ من العمر خمسة عشر سنة دون أن يحاوره أو يناقشه مكتفياً بمبدأ "اسمع ونفذ" وإلا ضربتك ، أنا أتصور أن هذا الشاب سيظل يفكر كيف يفتك من العيش مع أبيه ؛ لأنه يشعر أنه مجرد آلة تنفذ أوامر تتلقاها من والد لا يحق لنا أن نسميه مربياً، لأنه بهذه الطريقة قد تسبب في تفكك هذه الأسرة الصغيرة التي تتكون من أبوين وشاب وحيدٍ، أو معه إخوة يُعَدّون على الأصابع، فما بالكم لو أن هناك شخصاً متعلماً يدعي أنه من أهل العلم ، ويقول للعلماء أو للأقران فضلا عن الناس : " ما جئت به هو الحق ولا أنطق سواه، ومن خالف هذا الذي أقوله فهو محترق يجب التحذير منه، وإسقاطه من حقل الدعوة".

إذن من هنا تبدأ أزمة التفاهم مع مَنْ يراهم المجتمع العامي أنهم صفوة المجتمع وإبريزه الصافي، فداعية كهذا يرى غيره من أهل العلم لا يساوي وزناً، جديرٌ في زعزعة قطيعٍ من أبناء هذه الأمة عن المبادئ السلفية الحية، وهذا من الطيش الذي سببه واحد من أمرين : إما الغرور وإما سوء التلقي، ولا يمكن أن أقول سببه الجهل ؛ لأنه تَقَمَّص بالعلم وأخذ عن بعض العلماء، ربما تكون مادته العلمية ضعيفة ، لكنه بالجملة قد جالس بعض أهل العلم ، وربما جالسهم سنوات ، فهو على منصة العلم، وعلينا معاشر الدعاة أن نعترف بأصحاب المنصات ؛ لأن الواقع يكذبنا لو قلنا بأنه ليس من أهل العلم، فالإنصاف يلزمنا أن نقول فلان عنده علم وطلاب، ولكن ليس حكيماً ؛ لسوء التلقي الذي أوقعه في الغرور.

ولا عجب أن يوجد في مجتمعاتنا علماء تنقصهم الحكمة ، سواء كانوا صغاراً بلباس الكبار ، أو كانوا كباراً في السن والعلم.

والإنسان بطبيعة فطرته يحب الكمال في كل شيء ، لكن الأشخاص يتفاوتون في هذا الباب ، فهناك شخصيات ضعيفة تبحث عن إثبات وجودها في المجتمع، فلا تجد إلا أن تطرق باب الظهور في الساحة ، ولو على حساب أقرب الناس له، حتى وإن تعدى الظهور بغيبة فلان من الناس، على حساب أن يظهر في الساحة، معرضاً عن أدب النقد وحقوق أخوة الإسلام تحت ستار علم الجرح والتعديل.

وقد قلنا قديماً : ليس النقد مرفوضاً ، بل مطلوباً ممن يجيده على ضوء الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، وكم من الشخصيات تحت هذا الستار أضروا بالأمة، ولم يقدموا لها سوى النفرة والتبديع وتضليلِ كثيرٍ من أبناء الحقل الدعوي المبارك.

هؤلاء يشبهون من منظور ضيق في بعض العلامات أولئك الأقوام الذين يدَّعون في كتاباتهم وخطبهم ومحاضراتهم أنهم أهل السنة والجماعة، وقد خرجوا عن منهج الله ، وهم مبتدعة ضالون بإجماع أهل السنة قديماً وحديثاً، وذلك لتعطيلهم في باب أسماء وصفات الباري جل وعلا، وهم يقولون : إنهم أهل السنة والجماعة، بمعنى : ينثرون الرماد في وجوه أولي الأبصار ، "وأنى لهم التناوش من مكان بعيد" ؟؟!!!

وعند المقارنة : ماذا قدم أولئك الدعاة الذين أزَّموا روح التواصل مع إخوانهم الدعاة لعلاج أمراض الأمة سوى زيادة الأمراض في الساحة، لا شك أني سأنثر كلمات سبقني إلى مثلها شيخ المتوجعين ، العالم الرباني بكر أبو زيد ـ رحمه الله ـ ، الذي نثر الكثير من مثل ذلك ثم رحل إلى باريه، دون أن يستفيد من كلماته الناصعة الناصحة سوى قلة قليلة من الدعاة، مع أنَّ كثيراً من الدعاة سخَّرها في غير ما وضعت له، للتشفي من إخوانه الطاهرين.

ولكن مهما يكن من شيء فلا بد من البيان والإيضاح والسعي الحثيث لمناصحة أولئك الدعاةـ وإن لم يلتفتوا إلى نصح الناصحين ـ في أن ينزلوا للساحة ، ويقبلوا باب النصح واللين بالعلم والحكمة، فالكلٌّ راد ومردود، ولكن بالعلم الصحيح، مع احترام أدب الحوار والرد، بحيث يتجلى فينا جميعاً قوله ـ سبحانه ـ " وقولوا للناس حسناً " مع قيام ميزان العدل عند التصنيف، وبقاء أخوة الدين وإن اختلفنا، طالما واتحد المنهج.

ولنا في سلفنا الصالح القدوة الحسنة، قال يونس الصدفي([1]) : ما رأيت أعقل من الشافعي ، ناظرته يوماً في مسألة، ثم افترقنا ولقيني فأخذ بيدي، ثم قال : يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخواناً ، وإنْ لم نتفق في مسألة "([2]).

ما أجملها من كلمات " ألا يستقيم أن نكون إخواناً ، وإنْ لم نتفق في مسألة ".

هذا هو المنهج الشرعي الأخلاقي السلفي الذي تغافل عنه كثير من أبناء الإسلام ، وخصوصاً بعض المتعلمين الذي يرعون قطيعاً غفيراً من أبناء الأمة.

وأخيراً تبقى أزمات مجتمعنا الإسلامي قائمة ، طالما وأزمة التفاهم بين الدعاة ظاهرة تشوبها كثير من المنغصات والأوجاع، فلا يستقيم الناس حتى يكونوا على منهج مَنْ سبقهم من سلف هذه الأمة،ـ وهذا هو الحل الوحيد ـ ولكن أكثر الناس لا يعقلون.

(1) يونس بن عبد الأعلى: عالم الديار المصرية، الإمام أبو موسى الصدفي المصري الحافظ المقرىء الفقيه، مولده في آخر سنة سبعين ومائة هجرية.

(2) سِيَر أعلام النبلاء للذهبي (10/ 16)







المصدر

http://ift.tt/1yXSZCn






الدعاة إلى الله وأزمة التفاهم

نايف بن عبد العزيز .. رجل دين و دولة



نايف بن عبد العزيز .. رجل دين و دولة



بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني



نقلا عن مجلة الدعوة السعودية الصادرة عن الشؤون الاسلامية بالسعودية



بعد وصولنا في مهمة دينية إلى مدينة أمان الله "مانيلا"، تلقينا عبر الهاتف نبأ وفاة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله-، وذلك صباح السبت 26 رجب 1433هـ، الموافق 16 يونيو 2012م، وكان لهذا الخبر أثر بالغ في نفوسنا، ونفوس الجالية السعودية في دولة الفلبين، بل في نفوس كثير من الموحّدين الفلبينيين الذين عرفوه من خلال صفحاته البيضاء، ومواقفه المشرفة تجاه إخوانه المسلمين ،وخاصة الدعاة إلى الله·



لقد كان -رحمه الله- سخياً في دعم طلبة العلم والعلماء، مشجعاً لهم؛ ليقوموا بواجب الدعوة إلى الله في مشارق الأرض ومغاربها بشتى أنواع الوسائل، وذلك من خلال محورين أساسيين:



المحور الأول الدعم الرسمي، والمحور الثاني الدعم الخفي، ولكل نوع منهذين المحورين قسمان: معنوي ومادي، ولا يمكن حصر هذه العطاءات المتواصلة في مقال كهذا لكثرتها، إذ ما نجهله من فضائله وعطاءاته أكثر مما نعلمه.



فلا غرابة لو قلت: إن هناك كثيراً من الدعاة البارزين بداخل المملكة وخارجها، سعوديين ووافدين على علاقة بسموه بطريقة مباشرة وغير مباشرة، تتكاتف هذه العلاقة لتصب في خدمة هذا الدين، والدفاع عنه، ونشره في مشارق الأرض ومغاربها، باهتمام بالغ وعناية دائمة من سموه، ولم يكن ذلك منه اكتفاءً بالطرق الرسمية التي يكثر فيها أحياناً الروتين، بل يتعدى ذلك باتصالاته الهاتفية مع بعض إخوانه الدعاة، وربما من خلال بعض العاملين حوله دعماً منه في مؤازرة الحق وأهله، ودحر الشبه والأفكار الدخيلة.



ولقد كتبت لوزارته الموقرة تسعة عشر بحثاً تصب في بيان عوار الأفكار والعقائد الفاسدة مع إيضاح العلاج الذي يمكن أن يقضي على هذه الأفكار أو يخفف من وطأتها، فكان رحمه الله ممن يهتم ويشجع الدعاة على ذلك، وليس الخبر كالمعاينة، ولذا قال عنه الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ - رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:



{ فقدنا شخصية كبيرة ممثلة في الأمير نايف .. فله مآثر كثيرة في حفظ أمن البلاد، وما عُرف عنه من محاربة للإجرام والمفسدين، ونشر الدعوة الإسلامية في كل أصقاع الأرض .. وللأمير نايف - رحمه الله - جهود كبيرة في بناء المساجد، ونشر العلوم الشرعية ،وطباعة الكتب، ومآثر الدعم للشعوب. } اهـ.



وهذا ما عنيته من نصرته للدين، ووقوفه إلى جانب إخوانه الدعاة في مشارق الأرض ومغاربها، ودعمه المتواصل لهم بطرق رسمية وغير رسمية.



ومن مآثره -رحمه الله- أنه كان حجرة عثراء في وجه الفكر التغريبي طوال أربعين سنة، ولم يهدأ له بال حتى دحر أفكارهم وأقوالهم، من خلال سهامه الحارقة لفكرهم ومن ذلك قوله:



{ لن نحيد عن التزامنا الأبدي بالإسلام مهما كان كيد الكائدين }



وقال -رحمه الله-: { إن المملكة وهذه حقيقة أسست كل شؤونها على ما تقتضيه عقيدتنا الإسلامية السمحة، فالمملكة هي الدولة الوحيدة في العالم التي لم تتخذ مطلقا، عبر تاريخها الطويل، دستوراً غير القرآن والسنة، تحكمهما في كل شؤون حياتها، وفي تعاملها السياسي والاقتصادي، ومع الآخرين . وليس هناك من يزايد عل مواقف المملكة تجاه الإسلام والمسلمين في كل مكان إلا جاهل أو ضال أو ظالم .}



ولما أقامت جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض ندوة بعنوان: "السلفية منهج شرعي ومطلب وطني" افتتح كلمته رداً على أهل الأهواء والأفكار الدخيلة بقوله:



{ إخواني الكرام، كما تعلمون فإن السلفية الحقة هي المنهج الذي يستمد أحكامه من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي بذلك تخرج عن كل ما ألصق بها من تهم، أو تبناه بعض أدعياء المنهج السلفي، وحسب ما هو معروف فإن هذه الدولة المباركة، قامت على المنهج السلفي السوي منذ تأسيسها على يد الإمام محمد بن سعود، وتعاهده مع الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله ... لا تزال إلى يومنا هذا بفضل الله وهي تعتز بذلك، وتدرك أن من يقدح في نهجها أو يثير الشبهات والتهم حولها، هو رجل جاهل يستوجب بيان الحقيقة له، وما قيام الجامعة باستضافة هذه الندوة إلا جزء من ذلك البيان، وإيضاح الحقائق تجاه هذا النهج القويم ،الذي حمل زوراً وبهتاناً ما لا يحتمل من كذب، وأباطيل ومفاهيم مغلوطة، كالتكفير والغلو والإرهاب وغيرها، بشكل يجعل من الواجب علينا جميعاً الوقوف صفاً واحداً في ذلك، وأن نواجه تلك الشبهات والأقاويل الباطلة بما يدحضها، ويبين عدم حقيقتها.



إننا نؤكد لكم على أن هذه الدولة ستظل -بإذن الله- متبعة للمنهج السلفي القويم، ولن تحيد عنه ولن تتنازل، فهو مصدر عزها وتوفيقها ورفعتها، كما أنه مصدر لرقيها وتقدمها، لكونه يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وهو منهج ديني شرعي، كما أنه منهج دنيوي يدعو إلى الأخذ بأسباب الرقي والتقدم، والدعوة إلى التعايش السلمي مع الآخرين، واحترام حقوقهم .}



وكان -رحمه الله- شجاعاً في دفاعه عن الإسلام والمسلمين، ولذا لما وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر واتُهم بها بن لادن وتنظيم القاعدة واتخذها الغرب والصهاينة سبباً لزيادة الضغوط غير المعقولة على بلاد المسلمين، قال كلمته المشهورة ـ رغم ما يكنه له التكفيريون وهذا الطابور



الخارجي:



{ من المستحيل أن يقوم شباب في التاسعة عشرة بتنفيذ عملية الحادي عشر من سبتمبر، أو أن يفعلها بن لادن والقاعدة بمفردهم ... أعتقد أن الصهاينة مسؤولون عن هذه الأحداث .}



ولما شدّد الأمريكان على إخوانه المسلمين، بحجة أن الإسلام دين إرهابي، طالب بأخذ بصمات الأمريكيين الزائرين للمملكة مثلما يتم للزائرين عند دخول الولايات المتحدة.



لقد كان سمو الأمير نايف رجل دين ودولة، يقود زمام الأمور من منطلق الدين والحكمة، لذا كان من مآثر أقواله:



{ إن المملكة كانت، ولا تزال، وستظل ان شاء الله، تعيش هموم أمتها، وتتفاعل معها، وتناصر قضاياها على أساس من الحكمة والبصيرة، في إطار شريعتنا الإسلامية السامية والمتسامحة، وبالتالي يكون من واجب المنصفين، وبالأخص من واجب أولئك الذين يضيفون على أعمالهم صفة الإسلام علانية، ألا يتنكروا لحقيقة المملكة في مواقفها الثابتة تجاه أمتها، وفي حمايتها للعقيدة الإسلامية الصحيحة، انطلاقاً من إيمانها الصادق بأن الإسلام منهج رباني فيه عزة الإنسان وكرامته وخير دنياه وآخرته .}



وقال دفاعاً عن دعاة السنة وعلمائها : { هناك من التزم الوسطية إدراكاً منه لأهمية تضامن الأمة وتماسكها، والحرص على وحدتها، وعدم انشغالها بتطاحن داخلي لا يستفيد منه إلا أعداء الإسلام والمسلمين، ومثل هؤلاء نكن لهم كل التقدير، ونعتقد بسلامة موقفهم .}



وقد تقلد -رحمه الله - مناصب دينية، من أهمها:



1 - الإشراف العام على اللجان والحملات الإغاثية والإنسانية بالمملكة العربية السعودية



2 - رئيس لجنة الحج العليا



3 - رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات



4 - رئيس الهيئة العليا لجائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة



5 - عضو في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية



وقبل أن يودع العالم بأسره، كان من وصايه أن قال: نحن مستهدفون فى عقيدتنا ووطننا وأبنائنا، أقولها للعلماء الأجلاء، ولطلبة العلم والدعاة وخطباء المساجد والآمرين بالمعروف، دافعوا



عن الوطن ودينكم وأبنائكم".



لذا لم يكن غريباً على جامعة أم القرى أن تمنح سموه الدكتوراه الفخرية في السياسة الشرعية، وذلك أن هذه الشهادة اعتراف من إدارة الجامعة بأن خدمة سموه للدين، وسياسته الشرعية، كانتا ديدنه وفعله منذ عرفته المملكة العربية السعودية وزيراً للداخلية عام 1975م حتى يوم وفاته رحمه الله.



فماذا بعد هذه الحياة الكريمة الحافلة بالمعطيات والمنجزات، إلا رحيله إلى جوار ربه بعد قيامه بواجب عظيم نحو دينه وعقيدته ووطنه وأمته .



وبعد كل ما تقدم كان هذا دور القلم، ليكتب للتاريخ حياة رجل بصفحاته البيضاء تذكرةً للأجيال؛ ليكونوا خير خلف لخير سلف.



نسأل الله أن يتغمده برحمته ويدخله فسيح جناته·وإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.



بكيتُ وهل بكاءُ القلبِ يُجْدي *** فراقُ أميرنا كم هزَّ وجديْ









حرر يوم السبت بتاريخ 26 رجب 1433هـ، الموافق 16 يونيو 2012م ـ بمدينة أمان الله ـ الفلبين المسلوبة.













المصدر

http://ift.tt/1yRAIBH







نايف بن عبد العزيز .. رجل دين و دولة

نايف بن عبد العزيز .. رجل دين و دولة



نايف بن عبد العزيز .. رجل دين و دولة



بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني



نقلا عن مجلة الدعوة السعودية الصادرة عن الشؤون الاسلامية بالسعودية



بعد وصولنا في مهمة دينية إلى مدينة أمان الله "مانيلا"، تلقينا عبر الهاتف نبأ وفاة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله-، وذلك صباح السبت 26 رجب 1433هـ، الموافق 16 يونيو 2012م، وكان لهذا الخبر أثر بالغ في نفوسنا، ونفوس الجالية السعودية في دولة الفلبين، بل في نفوس كثير من الموحّدين الفلبينيين الذين عرفوه من خلال صفحاته البيضاء، ومواقفه المشرفة تجاه إخوانه المسلمين ،وخاصة الدعاة إلى الله·



لقد كان -رحمه الله- سخياً في دعم طلبة العلم والعلماء، مشجعاً لهم؛ ليقوموا بواجب الدعوة إلى الله في مشارق الأرض ومغاربها بشتى أنواع الوسائل، وذلك من خلال محورين أساسيين:



المحور الأول الدعم الرسمي، والمحور الثاني الدعم الخفي، ولكل نوع منهذين المحورين قسمان: معنوي ومادي، ولا يمكن حصر هذه العطاءات المتواصلة في مقال كهذا لكثرتها، إذ ما نجهله من فضائله وعطاءاته أكثر مما نعلمه.



فلا غرابة لو قلت: إن هناك كثيراً من الدعاة البارزين بداخل المملكة وخارجها، سعوديين ووافدين على علاقة بسموه بطريقة مباشرة وغير مباشرة، تتكاتف هذه العلاقة لتصب في خدمة هذا الدين، والدفاع عنه، ونشره في مشارق الأرض ومغاربها، باهتمام بالغ وعناية دائمة من سموه، ولم يكن ذلك منه اكتفاءً بالطرق الرسمية التي يكثر فيها أحياناً الروتين، بل يتعدى ذلك باتصالاته الهاتفية مع بعض إخوانه الدعاة، وربما من خلال بعض العاملين حوله دعماً منه في مؤازرة الحق وأهله، ودحر الشبه والأفكار الدخيلة.



ولقد كتبت لوزارته الموقرة تسعة عشر بحثاً تصب في بيان عوار الأفكار والعقائد الفاسدة مع إيضاح العلاج الذي يمكن أن يقضي على هذه الأفكار أو يخفف من وطأتها، فكان رحمه الله ممن يهتم ويشجع الدعاة على ذلك، وليس الخبر كالمعاينة، ولذا قال عنه الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ - رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:



{ فقدنا شخصية كبيرة ممثلة في الأمير نايف .. فله مآثر كثيرة في حفظ أمن البلاد، وما عُرف عنه من محاربة للإجرام والمفسدين، ونشر الدعوة الإسلامية في كل أصقاع الأرض .. وللأمير نايف - رحمه الله - جهود كبيرة في بناء المساجد، ونشر العلوم الشرعية ،وطباعة الكتب، ومآثر الدعم للشعوب. } اهـ.



وهذا ما عنيته من نصرته للدين، ووقوفه إلى جانب إخوانه الدعاة في مشارق الأرض ومغاربها، ودعمه المتواصل لهم بطرق رسمية وغير رسمية.



ومن مآثره -رحمه الله- أنه كان حجرة عثراء في وجه الفكر التغريبي طوال أربعين سنة، ولم يهدأ له بال حتى دحر أفكارهم وأقوالهم، من خلال سهامه الحارقة لفكرهم ومن ذلك قوله:



{ لن نحيد عن التزامنا الأبدي بالإسلام مهما كان كيد الكائدين }



وقال -رحمه الله-: { إن المملكة وهذه حقيقة أسست كل شؤونها على ما تقتضيه عقيدتنا الإسلامية السمحة، فالمملكة هي الدولة الوحيدة في العالم التي لم تتخذ مطلقا، عبر تاريخها الطويل، دستوراً غير القرآن والسنة، تحكمهما في كل شؤون حياتها، وفي تعاملها السياسي والاقتصادي، ومع الآخرين . وليس هناك من يزايد عل مواقف المملكة تجاه الإسلام والمسلمين في كل مكان إلا جاهل أو ضال أو ظالم .}



ولما أقامت جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض ندوة بعنوان: "السلفية منهج شرعي ومطلب وطني" افتتح كلمته رداً على أهل الأهواء والأفكار الدخيلة بقوله:



{ إخواني الكرام، كما تعلمون فإن السلفية الحقة هي المنهج الذي يستمد أحكامه من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي بذلك تخرج عن كل ما ألصق بها من تهم، أو تبناه بعض أدعياء المنهج السلفي، وحسب ما هو معروف فإن هذه الدولة المباركة، قامت على المنهج السلفي السوي منذ تأسيسها على يد الإمام محمد بن سعود، وتعاهده مع الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله ... لا تزال إلى يومنا هذا بفضل الله وهي تعتز بذلك، وتدرك أن من يقدح في نهجها أو يثير الشبهات والتهم حولها، هو رجل جاهل يستوجب بيان الحقيقة له، وما قيام الجامعة باستضافة هذه الندوة إلا جزء من ذلك البيان، وإيضاح الحقائق تجاه هذا النهج القويم ،الذي حمل زوراً وبهتاناً ما لا يحتمل من كذب، وأباطيل ومفاهيم مغلوطة، كالتكفير والغلو والإرهاب وغيرها، بشكل يجعل من الواجب علينا جميعاً الوقوف صفاً واحداً في ذلك، وأن نواجه تلك الشبهات والأقاويل الباطلة بما يدحضها، ويبين عدم حقيقتها.



إننا نؤكد لكم على أن هذه الدولة ستظل -بإذن الله- متبعة للمنهج السلفي القويم، ولن تحيد عنه ولن تتنازل، فهو مصدر عزها وتوفيقها ورفعتها، كما أنه مصدر لرقيها وتقدمها، لكونه يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وهو منهج ديني شرعي، كما أنه منهج دنيوي يدعو إلى الأخذ بأسباب الرقي والتقدم، والدعوة إلى التعايش السلمي مع الآخرين، واحترام حقوقهم .}



وكان -رحمه الله- شجاعاً في دفاعه عن الإسلام والمسلمين، ولذا لما وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر واتُهم بها بن لادن وتنظيم القاعدة واتخذها الغرب والصهاينة سبباً لزيادة الضغوط غير المعقولة على بلاد المسلمين، قال كلمته المشهورة ـ رغم ما يكنه له التكفيريون وهذا الطابور



الخارجي:



{ من المستحيل أن يقوم شباب في التاسعة عشرة بتنفيذ عملية الحادي عشر من سبتمبر، أو أن يفعلها بن لادن والقاعدة بمفردهم ... أعتقد أن الصهاينة مسؤولون عن هذه الأحداث .}



ولما شدّد الأمريكان على إخوانه المسلمين، بحجة أن الإسلام دين إرهابي، طالب بأخذ بصمات الأمريكيين الزائرين للمملكة مثلما يتم للزائرين عند دخول الولايات المتحدة.



لقد كان سمو الأمير نايف رجل دين ودولة، يقود زمام الأمور من منطلق الدين والحكمة، لذا كان من مآثر أقواله:



{ إن المملكة كانت، ولا تزال، وستظل ان شاء الله، تعيش هموم أمتها، وتتفاعل معها، وتناصر قضاياها على أساس من الحكمة والبصيرة، في إطار شريعتنا الإسلامية السامية والمتسامحة، وبالتالي يكون من واجب المنصفين، وبالأخص من واجب أولئك الذين يضيفون على أعمالهم صفة الإسلام علانية، ألا يتنكروا لحقيقة المملكة في مواقفها الثابتة تجاه أمتها، وفي حمايتها للعقيدة الإسلامية الصحيحة، انطلاقاً من إيمانها الصادق بأن الإسلام منهج رباني فيه عزة الإنسان وكرامته وخير دنياه وآخرته .}



وقال دفاعاً عن دعاة السنة وعلمائها : { هناك من التزم الوسطية إدراكاً منه لأهمية تضامن الأمة وتماسكها، والحرص على وحدتها، وعدم انشغالها بتطاحن داخلي لا يستفيد منه إلا أعداء الإسلام والمسلمين، ومثل هؤلاء نكن لهم كل التقدير، ونعتقد بسلامة موقفهم .}



وقد تقلد -رحمه الله - مناصب دينية، من أهمها:



1 - الإشراف العام على اللجان والحملات الإغاثية والإنسانية بالمملكة العربية السعودية



2 - رئيس لجنة الحج العليا



3 - رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات



4 - رئيس الهيئة العليا لجائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة



5 - عضو في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية



وقبل أن يودع العالم بأسره، كان من وصايه أن قال: نحن مستهدفون فى عقيدتنا ووطننا وأبنائنا، أقولها للعلماء الأجلاء، ولطلبة العلم والدعاة وخطباء المساجد والآمرين بالمعروف، دافعوا



عن الوطن ودينكم وأبنائكم".



لذا لم يكن غريباً على جامعة أم القرى أن تمنح سموه الدكتوراه الفخرية في السياسة الشرعية، وذلك أن هذه الشهادة اعتراف من إدارة الجامعة بأن خدمة سموه للدين، وسياسته الشرعية، كانتا ديدنه وفعله منذ عرفته المملكة العربية السعودية وزيراً للداخلية عام 1975م حتى يوم وفاته رحمه الله.



فماذا بعد هذه الحياة الكريمة الحافلة بالمعطيات والمنجزات، إلا رحيله إلى جوار ربه بعد قيامه بواجب عظيم نحو دينه وعقيدته ووطنه وأمته .



وبعد كل ما تقدم كان هذا دور القلم، ليكتب للتاريخ حياة رجل بصفحاته البيضاء تذكرةً للأجيال؛ ليكونوا خير خلف لخير سلف.



نسأل الله أن يتغمده برحمته ويدخله فسيح جناته·وإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.



بكيتُ وهل بكاءُ القلبِ يُجْدي *** فراقُ أميرنا كم هزَّ وجديْ









حرر يوم السبت بتاريخ 26 رجب 1433هـ، الموافق 16 يونيو 2012م ـ بمدينة أمان الله ـ الفلبين المسلوبة.













المصدر

http://ift.tt/1yRAIBH







نايف بن عبد العزيز .. رجل دين و دولة